للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعيان واهل المعصية الى الطاعة والتوبة باللسان والجنان فان الامتنان بذكر النعم الجليلة يستدعى شكرا لها ومعرفة لحقها ولكل قوم وفريق سلوك الى طريق التحقيق على حسب ما أنعم عليه من توحيد الافعال والصفات والذات فعلى العاقل ان يجتهد فى طلب الحق فان المقصود من ترتيب مقدمات العوالم آفاقية كانت او انفسية هو الوصول الى الظاهر من جهة المظاهر وانما اصل الحجاب هو الغفلة- وحكى- ان الشيخ أبا الفوارس شاهين بن شجاع الكرماني رحمه الله خرج للصيد وهو ملك كرمان فامعن فى الطلب حتى وقع فى برية مقفرة وحده فاذا هو بشاب راكب على سبع وحوله سباع فلما رأته ابتدرت نحوه فزجرها الشاب عنه فلما دنا اليه سلم عليه وقال له يا شاه ما هذه الغفلة عن الله اشتغلت بدنياك عن آخرتك وبلذتك وهواك عن خدمة مولاك انما اعطاك الله الدنيا لتستعين بها على خدمته فجعلتها ذريعة الى الاشتغال عنه فبينما الشاب يحدثه إذ خرجت عجوز بيدها شربة ماء فناولتها الشاب فشرب فدفع باقيه الى الشاه فشربه فقال ما شربت شيأ ألذ منه ولا أبرد ولا أعذب ثم غابت العجوز فقال الشاب هذه الدنيا وكلها الله الى خدمتى فما احتجت الى شىء الا أحضرته الى حين يخطر مبالى أما بلغك ان الله تعالى لما خلق الدنيا قال لها (يا دنيا من خدمنى فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه) فلما رأى ذلك تاب وكان منه ما كان وانشد بعضهم

خدمت لما ان صرت من خدمك ... ودار عندى السرور من نعمك

وكانت الحادثات تطرقنى ... فاستحشمتنى إذ صرت من حشمك

اللهم اجعلنا من الملازمين لبابك ولا تقطعنا عن جنابك وَهُوَ اى الله تعالى الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً خاصا هو المطر ثم التفت من الغيبة الى التكلم فقال فَأَخْرَجْنا بعظمتنا فالنون للعظمة لا الجمع فان الملك العظيم يعبر عن نفسه بلفظ الجمع تعظيما له بِهِ اى بسبب ذلك الماء مع وحدته نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ ينبت كنبات الحنطة والشعير والرمان والتفاح وغيرها فشىء مخصص فلا يلزم ان يكون لكل شىء نبات كالحجر مثلا والنبت والنبات ما يخرج من الأرض من الناميات سواء كان له ساق كالشجر أو لم يكن كالنجم فان قيل كيف جعل الله المطر سببا للنبات والفاعل بالسبب يكون مستعينا بفعل السبب والله تعالى مستغن عن الأسباب قيل لان المطر سبب يؤدى الى النبات وليس بمولود له والله تعالى قادر على إنبات النبات بدون المطر وانما يكون الفاعل بالسبب مستعينا بذلك السبب إذا لم يمكنه فعل ذلك الشيء الا بذلك السبب كما ان الإنسان إذا لم يمكنه ان يصعد السطح الا بالسلم فان السلم آلة للصعود والظاهر انه إذا صعد السطح بالسلم لم يكن السلم آلة له لانه يمكنه ان يصعد السطح بدون السلم فَأَخْرَجْنا مِنْهُ شروع فى تفصيل ما أجمل من الإخراج وقد بدأ بتفصيل حال النجم اى فاخرجنا من النبات الذي لا ساق له شيأ غضا خَضِراً بمعنى اخضر وهو اى الشيء الأخضر الخارج من النبات ما تشعب من اصل النبات الخارج من الحبة نُخْرِجُ مِنْهُ صفة لخضرا اى نخرج من ذلك الخضر المتشعب حَبًّا مُتَراكِباً هو السنبل المنتظم للحبوب المتراكبة بعضها فوق بعض على هيئة مخصوصة وَمِنَ النَّخْلِ شروع فى تفصيل حال

<<  <  ج: ص:  >  >>