للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الأنبياء إخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد» «١»

وإنما يتوارث أهل الدين على قدر تعلقاتهم السببية والنسبية والذكورة والأنوثة في الجدّ والاجتهاد وحسن الاستعداد وبتوارثهم العلوم الدينية واللدنية

كقوله صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء» «٢»

وقول موسى للخضر هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً [الكهف: ٦٦] . وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ هي النفوس الأمارات بالسوء فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ أي من خواص العناصر الأربعة التي أنتم منها مركبون وهي التراب ومن خواصه الخسة والذلة، والماء ومن خواصه اللين والأنوثة والشره، والهواء ومن خواصه الحرص والحسد والبخل والشهوة، والنار ومن خواصها الكبر والغضب وحب الرياسة فَإِنْ شَهِدُوا بأن يظهر بعض هذه الصفات من النفوس فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ في سجن الدينا وأغلقوا عليهن أبواب الحواس الخمس حتى تموت النفس بالانقطاع عن حظوظها دون حقوقها أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا بانفتاح روزنة القلوب إلى عالم الغيب وَالَّذانِ يَأْتِيانِها أي النفس والقالب يأتيان من الفواحش ظاهرا في الأعمال وباطنا في الأحوال والأخلاق فَآذُوهُما ظاهرا بالحدود وباطنا بالرياضات وترك الحظوظ فَأَعْرِضُوا عَنْهُما باللطف بعد العنف، وباليسر بعد العسر. بِجَهالَةٍ أي بصفة الجهولية وهي داخلة في الظلومية لأن الظلومية تقتضي المعصية والإصرار عليها، والجهولية تقتضي المعصية فحسب. فالعمل السوء إذا كان مصدره الجهولية فحسب يكون على عقيبه التوبة كما قال: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ أي عقيب المعصية.

قال عليه السلام: «أتبع السيئة الحسنة تمحها» «٣»

والحسنة التوبة. ويحتمل أن يقال: من قريب أي قبل أن يموت القلب بالإصرار فإن الله لا يقبل التوبة من قلب ميت لأنها تكون اضطرارية باللسان لا اختيارية بالجنان وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ فيه إشارة إلى النهي عن التصرف في السفليات التي هي الأمهات المتصرف فيها آباؤكم العلوية إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ من التدبير الإلهي في ازدواج الأرواح لضرورة اكتساب الكمالات، فإن الركون إلى العالم السفلي يوجب مقت الحق والله أعلم.

تم الجزء الرابع، ويليه الجزء الخامس أوله: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ..


(١) رواه البخاري في كتاب الأنبياء باب ٤٨. مسلم في كتاب الفضائل حديث ١٤٣، ١٤٤. أبو داود في كتاب السنّة باب ١٣.
(٢) رواه البخاري في كتاب العلم باب ١٠. أبو داود في كتاب العلم باب ١. ابن ماجه في كتاب المقدمة باب ١٧. الدارمي في كتاب المقدمة باب ٣٢. أحمد في مسنده (٥/ ١٩٦) .
(٣) رواه الترمذي في كتاب البر باب ٥٥. الدارمي في كتاب الرقاق باب ٧٤. أحمد في مسنده (٥/ ١٥٣، ٢٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>