للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهد وتأكيد العقد كقول بعضهم:

وحقنك ما نظرت إلى سواكا ... بعين مودّة حتى أراكا

فإن هذا ينافي التوحيد وأين في الدار ديار كلا بل هو الله الواحد القهار لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا بالتقليد وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الأعمال البدنية الشرعية جُناحٌ فِيما طَعِمُوا من المباحات إِذا مَا اتَّقَوْا الشبهة والإسراف وَآمَنُوا بالتحقيق بعد التقليد وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الأعمال القلبية الحقيقية من تخلية القلب عما سواه ومن تحليته بالأخلاق المضادة لهواه كالصدق والإخلاص والتوكل والتسليم وما عداه ثُمَّ اتَّقَوْا شرك الأنانية وَآمَنُوا بهويته ثُمَّ اتَّقَوْا هذا الشرك وهو الفناء في الفناء وَأَحْسَنُوا وهو البقاء به فافهم جعل الله البلاء لأهل الولاء كاللهب للذهب فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إيمان المحسنين الذين تجردوا عن ملاذ الدنيا وشهواتها الحلال وأحرموا بحج الوصول وعمرة الوصال لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ في أثناء السلوك بشيء من الصيد وهو المطالب النفسانية والمقاصد الدنيوية الدنية. تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ يعني اللذات البدنية ورماحكم يعني اللذات الخيالية فَلَهُ عَذابٌ الردّ والصد لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ يعني من أحرم لزيارة كعبة الوصال فعليه حسم الأطماع من الحرام والحلال مُتَعَمِّداً أي عالما بما في الالتفات إلى غيره من المضار مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يجازي نفسه برياضة ومجاهدة يماثل ألمها تلك اللذة ذَوا عَدْلٍ هما القلب والروح يحكمان على مقدار الإسلام وعلى حسب قوّة السالك بتقليل الطعام والشراب، أو ببذل المال أو بترك الجاه أو بالعزلة وضبط الحواس هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ خالصا عن الخلق لأجل الحق طَعامُ مَساكِينَ هم العقل والقلب والسر والروح والخفاء كانوا محرومين عن أغذيتهم الروحانية فيطعمهم المعاملات الروحانية من صدق التوجه والصبر على المكاره والفطام عن المألوفات ومن الشكر والرضا وغير ذلك. أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً هو الإمساك عن الأغيار والركون إلى الواحد القهار لتذوق النفس الأمارة وبال أمرها، فإن كل هذه الأمور على خلاف طبعها ذُو انْتِقامٍ ينتقم من أحبائه بنقاب الدلال، ومن أعدائه بحجاب الملام والملال. أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ بحر المعارف والكشوف تنتفعون بالواردات وتطعمون منها السائرين إلى الله من أهل الإرادات صَيْدُ الْبَرِّ ما سنح للسائرين من مطالب الدنيا ما دُمْتُمْ حُرُماً أي في حال المحو لا في حال الصحو. جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ كعبة الظاهر قِياماً للعوام والخواص يستنجحون بها حاجاتهم الدنيوية والأخروية، وكعبة القلب قواما للخواص ولخواص الخواص يلوذون بها بدوام الذكر ونفي الخواطر حتى يعلموا أن لا

<<  <  ج: ص:  >  >>