للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعرف أنهم ملائكة الله لقولهم: لا تَخَفْ. وإِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ لم يقولوا لا تخف إنا ملائكة بل ذكروا سبب الإرسال وهو إهلاك قوم لوط. وعلى هذا فإنما خاف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله أو لتعذيب قومه، والاحتمال الأول وهو أنه كان لا يعرف أنهم ملائكة أقرب بدليل إحضاره الطعام واستدلاله بترك أكلهم على توقع الشر منهم.

وإنما ذكروا سبب الإرسال إيجازا واختصارا لدلالة الإرسال على كونهم رسلا لا أضافيا. وإنما أتوه على صورة الأضياف ليكونوا على صفة يحبها لأنه كان مشغوفا بالضيافة. وبم عرف الملائكة خوفه؟ قيل: بالتغير في وجهه أو بتعريف الله، أو علموا أن علمه بأنهم ملائكة موجب للخوف لأنهم كانوا لا ينزلون إلا بعذاب وَامْرَأَتُهُ وهي سارة بنت هاران بن ناحورا بنت عم إبراهيم قائِمَةٌ وراء الستر تسمع تحاورهم، أو كانت قائمة على رؤوسهم تخدمهم وهم قعود فَضَحِكَتْ.

قال العلماء: لا بد للضحك من سبب فقيل: سببه السرور بزوال الخيفة. وقيل:

بهلاك أهل الخبائث.

وعن السدي أن إبراهيم قال لهم: ألا تأكلون؟ قالوا: إنا لا نأكل طعاما إلا بالثمن. فقال: ثمنه أن تذكروا اسم الله على أوله وتحمدوه في آخره. فقال جبرائيل لميكائيل: حق لمصل هذا الرجل أن يتخذه ربه خليلا، فضحكت امرأته فرحا بهذا الكلام.

وقيل: كانت تقول لإبراهيم اضمم لوطا ابن أخيك إليك فإني أعلم أنه ينزل بهؤلاء القوم عذاب، ففرحت بموافقة قولهم لقولها فضحكت. وقيل: طلب إبراهيم صلى الله عليه وسلم منهم معجزة دالة على أنهم من الملائكة فدعوا ربهم بإحياء العجل المشوي فطفر ذلك العجل المشوي إلى مرعاه فضحكت سارة من طفرته. وقيل: ضحكت تعجبا من قوم أتاهم العذاب وهم غافلون. وقيل: تعجبت من خوف إبراهيم مع كثرة خدمه وحشمه من ثلاثة أنفس. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير أي فبشرناها بإسحاق فضحكت سرورا. وعن مجاهد وعكرمة ضحكت أي حاضت ومنه ضحكت الطلعة إذا انشقت يعني استعدادها لعلوق الولد. من قرأ يعقوب بالرفع فعلى الابتداء والخبر محذوف أي يعقوب مولود أو موجود بعد إسحق، ومن قرأ بالنصب فعلى العبارة المتروكة كأنه قيل: ووهبنا لها إسحق ومن بعد إسحق يعقوب. أقول: من المحتمل أن يكون يَعْقُوبَ مجرورا بالعبارة الموجودة أي وبشرناها بيعقوب من بعد إسحق وقيل: الوراء ولد الولد ووجهه أن يراد بيعقوب أولاده كما يقال هاشم ويراد أولاده يا وَيْلَتى كلمة تلهف وقد مرت في «المائدة» في يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ [المائدة: ٣١] وشَيْخاً نصب على الحال والعامل فيه ما في هذا من معنى أنبه أو أشير إِنَّ هذا يعني إن تولد ولد من هرمين لَشَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>