للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبَيِّناتِ [غافر: ٣٤] وقيل: فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف. والمعنى ولقد جاء آباءكم. وقيل: اشتراه العزيز بعشرين دينارا وزوجي نعل وثوبين أبيضين. وقيل: أدخلوه السوق يعرضونه فترافعوا في ثمنه حتى بلغ ثمنه وزنه مسكا وورقا وحريرا فابتاعه قطفير بذلك المبلغ. ومعنى أَكْرِمِي مَثْواهُ اجعلي منزله ومقامه عندنا كريما أي حسنا مرضيا.

وفي هذه العبارة دلالة على أنه عظم شأن يوسف كما يقال سلام على المجلس العالي.

وقال في الكشاف: المراد تعهديه بحسن الملكة حتى تكون نفسه طيبة في صحبتنا. ويقال للرجل: كيف أبو مثواك وأم مثواك لمن ينزل الرجل به من إنسان رجل أو امرأة يراد هل تطيب نفسك بثوائك عنده؟ واللام في لِامْرَأَتِهِ تتعلق ب قالَ. ثم بين الغرض من الإكرام فقال: عَسى أَنْ يَنْفَعَنا بكفاية بعض مهماتنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً لأن قطفير كان لا يولد له ولد وكان حصورا. وعن ابن مسعود أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين قال لامرأته أكرمي مثواه فتفرس في يوسف ما تفرس، والمرأة التي أتت موسى وقالت لأبيها يا أبت استأجره، وأبو بكر حين استخلف عمر. وروي أنه سأله عن نفسه فأخبره بنسبه فعرفه. ثم قال: وَكَذلِكَ أي كما أنعمنا عليه بالإنجاء من الجب وعطف قلب العزيز عليه مَكَّنَّا لَهُ في أرض مصر حتى يتصرف فيها بالأمر والنهي وَلِنُعَلِّمَهُ قد مر في الوقوف بيان متعلقه وفي أوائل السورة معنى تأويل الأحاديث. والمراد من الآية حكاية إعلاء شأن يوسف في الكمالات الحقيقية وأصولها القدرة، وأشار إليها بقوله: مَكَّنَّا والعلم وأشار إليه بقوله: وَلِنُعَلِّمَهُ ولا ريب أن ابتداء ذلك كان حين ألقي في الجب كما قال وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ وكان يرتقي في ذلك إلى أن بلغ حد الكمال وصار مستعدا للدعوة إلى الدين الحق وللإرسال إلى الخلق وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ أي على أمر نفسه لا منازع له ولا مدافع، أو على أمر يوسف لم يكله إلى غيره ولم ينجح كيد إخوته فيه ولم يكن إلا ما أراد الله ودبر. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أن الأمر كله بيد الله. ثم إنه سبحانه بين وقت استكمال أمره فقال: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ قيل في الأشد ثماني عشرة سنة وعشرون، وثلاث وثلاثون وأربعون إلى ثنتين وستين آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً فالحكم الحكمة العملية والعلم الحكمة النظرية، وإنما قدمت العملية لأن أصحاب الرياضات والمجاهدات يصلون أوّلا إلى الحكمة العملية ثم إلى العلم اللدني بخلاف أصحاب الأفكار والأنظار، والأول هو طريقة يوسف لأنه صبر على البلاء والمحن ففتح عليه أبواب المكاشفات، وقيل:

الحكم النبوّة لأن النبي حاكم على الخلق والعلم علم الدين. وقيل: الحكم صيرورة نفسه المطمئنة حاكمة على النفس الأمارة قاهرة لها، فحينئذ تفيض الأنوار القدسية والأضواء الإلهية من عالم القدس على جوهر النفس. والتحقيق في هذا الباب أن استكمال النفس

<<  <  ج: ص:  >  >>