للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك الروح أبدا وَأَمَّا الْآخَرُ وهو البدن فَيُصْلَبُ بنخيل الموت فَتَأْكُلُ طير أعوان ملك الموت من رأسه الخيالات الفاسدة قُضِيَ في الأزل هذا الْأَمْرُ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ يعني أن القلب المسجون في بدء أمره يلهم النفس بأن تذكره المعاملات المستحسنة الشرعية عند الروح ليتقوى بها الروح وينتبه عن نوم الغفلة الناشئة من الحواس الخمس ويسعى في استخلاص القلب عن أثر الصفات البشرية بالمعاملات الروحانية مستمدا من الألطاف الربانية. ثم إن الشيطان بوساوسه محا عن النفس أثر إلهامات القلب، أو الشيطان أنسى القلب ذكر الله حين استغاث النفس لتذكره عند الروح، ولو استغاث بالله لخلصه في الحال فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ إشارة إلى الصفات البشرية السبع التي بها القلب محبوس وهي: الحرص والبخل والشهوة والحسد والعداوة والغضب والكبر إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ هن الصفات المذكورة يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ هن أضدادها وهي:

القناعة والسخاوة والعفة والغبطة والشفقة والحلم والتواضع يا أَيُّهَا الْمَلَأُ يعني الأعضاء والجوارح والحواس والقوى أَفْتُونِي فيما رأيت في غيب الملكوت وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ أي ليس التصرف في الملكوت وشواهدها من شأننا فَأَرْسِلُونِ فيه أن النفس إذا أرادت أن تعلم شيئا مما يجري في الملكوت ترجع بقوة التفكر إلى القلب فتستخبر عنه، فالقلب ترجمان بين الروحانيات والنفس فيما يفهم من لسان الغيب أَيُّهَا الصِّدِّيقُ لأنه مصدق فيما يرى من شواهد الحق، ويصدق فيما يروي للخلق ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى [النجم: ١١]

«حدثني قلبي عن ربي»

قال في الكشاف: أرجع إلى الناس أي إلى الأجزاء الإنسانية تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ إشارة إلى تربية الصفات البشرية السبع بالعادة والطبيعة في أوان الطفولية فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ أي ما حصلتم من هذه الصفات فذروه في أماكنه ولا تستعملوه إِلَّا قَلِيلًا مما تعيشون به إلى أوان البلوغ وظهور نور العقل في مصباح السر في زجاجة القلب كأنه كوكب دري. ثم إذا أيد نور العقل بأنوار تكاليف الشرع وشرف بإلهام الحق في إظهار فجور النفس وتقواها فيزكيها عن هذه الصفات ويجليها بالصفات الروحانية السبع، فكأن السبع العجاف أكلن السبع السمان. وإنما سمى ما هو من عالم الأرواح عجافا للطافتها، وما هو من عالم الأجسام سمانا لكثافتها كثيرا إلا قليلا مما يحسن به الإنسان حياة قالبه ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ أي بعد غلبات الصفات الروحانية واضمحلال الصفات البشرية يظهر مقام فيه يتدارك السالك جذبات العناية، وفيه يبرأ العبد من معاملاته وينجو من حبس وجوده وحجب أنانيته. ولما أخبر القلب بنور الله؟؟؟ رآه الروح في عالم الملكوت وتأوله استحق قرب الروح وصحبته فاستدعى حضوره على

<<  <  ج: ص:  >  >>