للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج تَحْوِيلًا هـ قُوَّةً ط فِي الْأَرْضِ ط قَدِيراً هـ مُسَمًّى ج بَصِيراً هـ.

[التفسير:]

لما بين دلائل الوحدانية بطريق الإخبار ذكر دليلا آخر بطريق الاستخبار لأن الشيء إذا كان خفيا ولا يراه من بحضرتك كان معذورا، أما إذا كان بارزا مكشوفا فإنك تقول: أما تراه. والمخاطب إما كل أحد أو النبيّ صلى الله عليه وسلم لأن السيد إذا نصح بعض العباد ولم ينفعهم الإرشاد قال لغيره. اسمع ولا تكن مثل هذا ويكرر معه ما ذكره مع الأول.

والالتفات في فَأَخْرَجْنا لأن نزول الماء يمكن أن يقال: إنه بالطبع ولكن الإخراج لا يمكن إلا بإرادة الله. وأيضا الإخراج أتم نعمة من الإنزال لأن إنزال المطر لفائدة الإخراج.

واختلاف ألوان الثمرات اختلاف أصنافها أو هيئاتها، والجدد الخطط، والطرائق «فعلة» بمعنى «مفعول» والجد القطع. قال جار الله: لا بدّ من تقدير مضاف أي ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر مختلف ألوانها في البياض والحمرة، لأن الأبيض قد يكون على لون الجص وقد يكون أدنى من ذلك، وكذلك الحمرة. والغرابيب تأكيد للسود إلا أنه أضمر المؤكد أوّلا ثم أظهر ثانيا على طريقة قوله:

والمؤمن العائذات الطير وإنما لم يتصوّر اختلاف الألوان هاهنا لأن السواد إذا كان في الغاية لم يكن بعدها لون. يقال: أسود غربيب للذي أبعد في السواد وأغرب فيه ومنه الغراب. ويمكن أن يقال:

إن المختلف صفة الحمر فقط. وحين فرغ من دلائل النبات وما يشبه المعادن شرع في الاستدلال بالحيوان، وقدّم الإنسان لشرفه، ثم ذكر الدواب على العموم، ثم خصص الأنعام، أو أراد بالدابة الفرس فجعله لشرفه رديف الإنسان. وقوله مُخْتَلِفٌ أي بعض مختلف أَلْوانُهُ وذكر الضمير تغليبا للإنسان أو نظرا إلى البعض. وقوله كَذلِكَ أي كاختلاف الجبال والثمرات، وفيه أن هذه الأجناس كما أنها في أنفسها دلائل فهي باختلافها أيضا دلائل. وحين خاطب نبيه بقوله أَلَمْ تَرَ بمعنى ألم تعلم أتبعه قوله إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ كأنه قال: إنما يخشاه مثلك ومن على صفتك ممن نظر في دلائله فعرفه حق معرفته، أو أراد أن يعرّفه كنه معرفته لأن الخشية على حسب العلم بنعوت كماله وصفات جلاله.

وفي الحديث «أعلمكم بالله أشدّكم خشية له»

وفائدة تقديم المفعول أن يعلم أن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم، ولو أخر المفعول كان معنى صحيحا وهو أنهم لا يخشون أحدا إلا الله إلا أن ذلك غير مراد هاهنا. وعن عمر بن عبد العزيز ويحكى عن أبي حنيفة أنهما قرءا برفع الله ونصب العلماء فتكون الخشية مستعارة

<<  <  ج: ص:  >  >>