للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من في الناس وأدخل في الذين أشركوا لأن اليهود من الناس وليسوا من المشركين كقولك «الياقوت أفضل الحجارة وأفضل من الديباج» سَنَةٍ (ط) لأن ما بعده يصلح مستأنفا وحالا أَنْ يُعَمَّرَ (ط) يَعْمَلُونَ (هـ) .

[التفسير:]

السبب في تكرير قصة اتخاذ العجل هاهنا القدح بوجه آخر في قولهم نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا [البقرة: ٩١] وبيان وصفهم بالعناد والتكذيب تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبيتا له، فإن قوم موسى عليه السلام بعد ظهور المعجزات الواضحات على يده اتخذوا العجل إلها ومع ذلك صبر وثبت على الدعاء إلى ربه والتمسك بدينه وشرعه. وكرر ذكر رفع الطور للتأكيد، ولما نيط به من زيادة قولهم سَمِعْنا وَعَصَيْنا الدال على نهاية لجاجهم وذلك أنه قال لهم: اسمعوا سماع تقبل وطاعة. فقالوا: سمعنا ولكن لا سماع طاعة، وظاهر الآية يدل على أنهم قالوا هذا القول أعني سمعنا وعصينا وعليه الأكثرون. وعن أبي مسلم أنه يجوز أن يكون المعنى سمعوه وتلقوه بالعصيان، فعبر عن ذلك بالقول مثل قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ [فصلت: ١١] وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أي تداخلهم حبه والحرص على عبادته كما يتداخل الثوب الصبغ. وقوله تعالى فِي قُلُوبِهِمُ بيان لمكان الإشراب كقوله إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً [النساء: ١٠] وفي هذه الاستعارة لطيفة وهي أنه كما أن الشرب مادة لحياة ما تخرجه الأرض فكذا تلك المحبة كانت مادة للقبائح الصادرة عنهم. وفي قوله وَأُشْرِبُوا دلالة على أن فاعلا غيرهم فعل ذلك بهم كالسامري وإبليس وشياطين الجن والإنس، وذلك بسبب كفرهم واعتقادهم التشبيه على الله تعالى ولا ريب أن جميع الأسباب تنتهي إلى الله تعالى وقد عرفت التحقيق في أمثال ذلك مرارا. بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ المخصوص بالذم محذوف أي بئس شيئا يأمركم به إيمانكم بالتوراة عبادة العجل، فليس في التوراة عبادة العجاجيل. وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم كما قال قوم شعيب أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ [هود:

٨٧] وكذلك إضافة الإيمان إليهم. واعلم أن الإيمان عرض ولا يصح منه الأمر والنهي، لكن الداعي إلى الفعل والسبب فيه قد يشبه بالأمر كقوله إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: ٤٥] قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ الدار اسم «كان» وفي الخبر ثلاثة أوجه: الأول: خالِصَةً وعِنْدَ ظرف لخالصة أو للاستقرار الذي في لَكُمُ ويجوز أن يكون عِنْدَ حالا من الدار والعامل فيها «كان» أو الاستقرار. وأما لَكُمُ فيكون على هذا متعلقا ب «كان» لأنها تعمل في حروف الجر، ويجوز أن يكون للتبيين فيكون موضعها بعد خالِصَةً أي خالصة لكم فيتعلق بنفس خالصة، ويجوز أن يكون صفة لخالصة قدمت عليها فيتعلق حينئذ بمحذوف. الثاني: أن يكون خبر كان لَكُمُ وعِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>