للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَما صاحِبُكُمْ وما بعدها معطوف على جواب القسم لم يقف على أَمِينٍ إلى قوله فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ. بِمَجْنُونٍ هـ ج الْمُبِينِ هـ ج بِضَنِينٍ هـ ج رَجِيمٍ هـ ج تَذْهَبُونَ هـ ط لِلْعالَمِينَ هـ لا لأن ما بعده بدل البعض يَسْتَقِيمَ هـ الْعالَمِينَ هـ.

[التفسير:]

إنه سبحانه لما ذكر الطامة والصاخة في خاتمتي السورتين المتقدمتين أردفهما بذكر سورتين مشتملتين على أمارات القيامة وعلامات يوم الجزاء. أما هذه ففيها اثنا عشر شيئا أوّلها تكوير الشمس وفيه وجهان: أحدهما إزالة النور لأن التكوير هو التلفيف على جهة الاستدارة كتكوير العمامة.

وفي الحديث «نعوذ بالله من الحور بعد الكور» «١»

أي من التشتت بعد الألفة والاجتماع، ومنه كارة القصار وهي ثوب واحد يجمع ثيابه فيه. ولا يخفى أن الشيء الذي يلف يصير مخفيا عن الأعين فعبر عن إزالة النور عن جرم الشمس وصيرورتها غائبة عن الأعين بالتكوير. الثاني أن يكون من قولهم طعنه فحوره وكوره إذا ألقاه أي ألقيت ورميت عن الفلك. وثانيها انكدار النجوم أي تساقطها وتناثرها والأصل في الانكدار الانصباب وكل متراكب ففيه كدورة فلهذا يقال للجيش الكثير دهماء. قال الخليل:

انكدر عليهم القوم إذا جاءوا أرسالا فانصبوا عليهم. قال الكلبي: تمطر السماء يومئذ نجوما فقال عطاء: وذلك أنها في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من النور وتلك السلاسل في أيدي الملائكة، فإذا مات من في السماء والأرض تساقطت تلك السلاسل من أيدي الملائكة.

ويروى في الشمس والنجوم أنها تطرح في جهنم ليراها من عبدها.

وثالثها تسيير الجبال وقد مر في سورة «عم» . ورابعها تعطيل العشار وهي جمع عشراء كالنفاس في نفساء. والعشراء الناقة التي أتى عليها من يوم أرسل عليها الفحل عشرة أشهر، ثم هو اسمها إلى أن تضع الحمل لتمام السنة، وهي أنفس ما يكون عند أهلها وهم العرب فخوطبوا بما هو مركوز في أذهانهم مصوّر في خزانة خيالهم، والغرض بيان شدّة الاشتغال بأنفسهم حتى يعطلوا ويهملوا ما هو أهم شيء عندهم. وقيل: العشار هي السحاب تعطلت عما فيها من الماء، ولعله مجاز من حيث إن العرب تشبه السحاب بالحامل. قال الله تعالى فَالْحامِلاتِ وِقْراً [الذاريات: ٢] وخامسها حشر الوحوش والوحش ضد ما يستأنس به من دواب البر.

قال قتادة: يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص، وفيه أنه سبحانه إذا كان لا يهمل أمر الوحوش فكيف يهمل أمر المكلفين. قال الإمام فخر الدين: وفيه دليل على أن هول ذلك


(١) رواه مسلم في كتاب الحج حديث ٤٢٦. الترمذي في كتاب الدعوات باب ٤١. النسائي في كتاب الاستعاذة باب ٤١، ٤٢. الدارمي في كتاب الاستئذان باب ٤٢. ابن ماجه في كتب الدعاء باب ٢٠.
أحمد في مسنده (٥/ ٨٢، ٨٣) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>