للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين هاهنا هو الإسلام لأنه عند الإطلاق يقع عليه وسائر الأديان كلادين، أو يتناولها مع التقييد كقولك «دين النصارى أو اليهود» . والدع الدفع بالعنف كما مر في الطور ذكر شيئين من قبائح أفعال المكذب بالجزاء على سبيل التمثيل وسبب تخصيصهما أنهما منكران بحسب الشرع وبحسب العقل والمروءة أيضا. وفي لفظ يَدُعُّ بالتشديد رحمة من الله على عباده وإشارة إلى أنه إن صدر أدنى استخدام له أو شيء مما يكرهه الطبع دون الاستخفاف التام والزجر العنيف كان معفوا عند الله ولم يكتب في زمرة المكذبين بالدين، ولا سيما إذا كان بغير اختيار والحض الحث وقد مر في «الفجر» . ولما كان إيذاء اليتيم والمنع من الإطعام دليلا على النفاق فالصلاة لا مع الخشوع كانت أولى بأن تدل على النفاق قال فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ وجوز جار الله أن يكون فذلك عطفا على الذي يكذب إما عطف ذات على ذات، أو صفة على صفة، ويكون جواب أَرَأَيْتَ محذوفا لدلالة ما بعده عليه كأنه قيل: أخبرني ما تقول فيمن يكذب بالجزاء وفيمن يؤذي اليتيم ولا يطعم المسكين، أنعم ما يصنع أو أخبرني ما تقول في وصف هذين الشخصين أمرضيّ ذلك؟ ثم قال فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ أي إذا علم أنه مسيء فويل لهم، فوضع صفتهم موضع ضميرهم. وجمع لأن المراد بالذي هو الجنس ووجه الاتصال أنهم كانوا مع التكذيب وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين غير مزكين أموالهم. وفيه أنهم كما قصروا في شأن المخلوق حيث زجروا اليتيم ولم يحضوا على إطعام المسكين فقد قصروا في طاعة الخالق فما صلوا وما زكوا. والسهو عن الصلاة تركها رأسا أو فعلها مع قلة مبالاة بها كقوله وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى

[النساء:

١٤٢] وهو قول سعد بن أبي وقاص ومسروق والحسن ومقاتل: وفائدة عن المفيدة للبعد والمجاوزة هذه. وأما السهو في الصلاة فذلك أمر غير اختياري فلا يدخل تحت التكليف، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم سها في الصلاة، وقد أثبت الفقهاء لسجود السهو بابا في كتبهم. وعن أنس: الحمد لله الذي لم يقر «في صلاتهم» ولعل في إضافة الصلاة إليهم إشارة إلى أن تلك الصلاة لا تليق إلا بهم لأنها كلا صلاة من حيث إنهم تركوا شرائطها وأركانها فلم يكن هناك إلا صورة صلاة صح باعتبارها إطلاق المصلين عليهم في الظاهر. ويجوز أن يطلق لفظ المصلين على تاركي الصلاة بناء على أنهم من جملة المكلفين بالصلاة ومعنى المفاعلة في المرآة أن المرائي يرى الناس عمله وهم يرونه الثناء عليه والإعجاب به وقد مر في قوله رِئاءَ النَّاسِ [النساء: ١٤٢] ويُراؤُنَ النَّاسَ

[البقرة: ٢٦٤] ولا بأس بالإراءة إذا كان الغرض الاقتداء أو نفي التهمة واجتناب الرياء صعب إلا على من راض نفسه وحملها على الإخلاص ومن هنا

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة

<<  <  ج: ص:  >  >>