للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المختلفتين والوصل أجوز على جعل الواو حالا مُسْلِمُونَ (هـ) قَدْ خَلَتْ (ج) لأن ما بعدها تصلح صفة للأمة وتصلح استئنافا وهو واضح لعطف وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ عليها وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ (ج) لعطف الجملتين المختلفتين يَعْمَلُونَ (هـ) .

[التفسير:]

عن وهب بن منبه قال: إن آدم صلى الله عليه وسلم لما أهبط إلى الأرض استوحش منها لما رأى من سعتها، ولأنه لم ير فيها أحدا غيره فقال: يا رب أما لأرضك عامر يسبحك فيها ويقدس لك غيري؟ فقال الله: إني سأجعل فيها من ذريتك من يسبح بحمدي ويقدس لي، وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري وسأبوئك منها بيتا أختاره لنفسي وأخصه بكرامتي وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمي وأسميه بيتي، أعظمه بعظمتي وأحوطه بحرمتي، وأضعه في البقعة التي اخترت لنفسي، فإني اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض، أجعل ذلك البيت لك ولمن بعدك حرما وأمنا أحرم بحرمته ما فوقه وما تحته وما حوله، فمن حرمه بحرمتي فقد عظم حرمتي، ومن أحله فقد أباح حرمتي، ومن أمن أهله استوجب بذلك أماني، ومن أخافهم فقد جفاني، ومن عظم شأنه فقد عظم في عيني، ومن تهاون به فقد صغر في عيني، سكانها جيراني، وعمارها وفدي، وزوارها أضيافي، أجعله أوّل بيت وضع للناس، وأعمره بأهل السماء والأرض، يأتونه أفواجا شعثا غبرا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق، يعجون بالتكبير عجيجا ويضجون بالتلبية ضجيجا، فمن اعتمره لا يريد غيري فقد زاري وضافني ووفد عليّ ونزل بي فحق علي أن ألحقه بكرامتي وحق على الكريم أن يكرم وفده وأضيافه وزواره وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته، تعمره يا آدم ما كنت حيا ثم يعمره من بعدك الأمم في القرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن ونبيا بعد نبي حتى ينتهي بعد ذلك إلى نبي من ولدك يقال له «محمد» وهو خاتم النبيين فأجعله من عماره، وسكانه وحماته وولاته، يكون أميني عليه ما دام حيا، فإذا انقلب إلي وجدني وقد ذخرت له من أجره ما يتمكن به من القربة إلي والوسيلة عندي وأجعل اسم ذلك البيت وشرفه وذكره ومجده وسناه ومكرمته لنبي من ولدك يكون قبل هذا النبي صلى الله عليه وسلم وهو أبوه يقال له «إبراهيم» ، أرفع به قواعده وأقضي على يديه عمارته، وأعلمه مشاعره ومناسكه، وأجعله أمة واحدة قانتا قائما بأمري داعيا إلى سبيلي، أجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم، أبتليه فيصبر وأعافيه فيشكر وآمره فيفعل وينذر لي فيفي، أستجيب دعاءه في ولده وذريته من بعده، وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذلك البيت وحماته وسقاته وخدمه وخزانه وحجابه حتى يبدلوا ويغيروا وأجعل إبراهيم إمام ذلك البيت وأهل تلك الشريعة، يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الخلق الجن والإنس. وروي أن الله تعالى أنزل البيت ياقوتة من يواقيت

<<  <  ج: ص:  >  >>