للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي فهو يغفر، ومن جزم بالعطف لم يقف. مَنْ يَشاءُ ط. قَدِيرٌ هـ وَالْمُؤْمِنُونَ هـ، لمن لم يقف على من ربه. الْمَصِيرُ هـ، وُسْعَها ط مَا اكْتَسَبَتْ ط أَوْ أَخْطَأْنا ج مِنْ قَبْلِنا ج لأن النداء للابتداء ولكن الواو لعطف السؤال على السؤال لَنا بِهِ ج وَاعْفُ عَنَّا وقفة وَاغْفِرْ لَنا كذلك وَارْحَمْنا كذلك للتفصيل بين أنواع المقاصد والاعتراف بأن أطماعنا غير واحد الْكافِرِينَ هـ.

[التفسير:]

إنه تعالى لما جمع في هذه السورة أشياء كثيرة من علم الأصول وهي دلائل التوحيد والنبوة والمعاد وأشياء كثيرة من بيان الشرائع والتكاليف كالصلاة والزكاة والقصاص والصوم والحج والجهاد والحيض والطلاق والعدة والصداق والخلع والإيلاء والإرضاع والبيع والربا والمداينة، ختم السورة بكلام دل على كمال ملكه وهو قوله: لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وعلى كمال علمه وهو قوله وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ وعلى كمال قدرته وهو قوله فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وفي ذلك غاية الوعد للمطيعين ونهاية الوعيد للمذنبين. وعن أبي مسلم أنه لما قال: والله بما تعملون عليم. ذكر عليه دليلا عقليا فإن من كان فاعلا لهذه الأفعال المحكمة المتقنة المشتملة على الحكم المتكاثرة والمنافع الفاخرة لا بد أن يكون محيطا بأجزائها وجزئياتها. وقيل: لما أمر بالوثائق من الكتبة والأشهاد والرهن، ذكر ما علم منه أن المقصود يرجع إلى الخلق وأنه منزه عن الانتفاع به. وقال الشعبي وعكرمه ومجاهد: إنه لما أوعد على كتمان الشهادة ذكر أن له ما في السموات وما في الأرض فيجازي على الكتمان والإظهار.

عن ابن عباس وأبي هريرة واللفظ له: لما نزل وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والصدقة. وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما قرأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في إثرها آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله عزّ وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا قال: نعم رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا قال:

نعم، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ قال نعم وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ قال نعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>