للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالباب، قيل: مقاتل بن سليمان فقال: على به. فلما دخل عليه قال له: هل تعلم لماذا خلق الله الذباب؟ قال له: نعم، ليذل به الجبارين» «٦٤» .

وقد حاول مقاتل أن ينزلف إلى خلفاء بنى العباس فعرض عليهم أن يضع لهم أحاديث منتحلة.

«عن منصور الكاتب، عن أبى عبيد الله قال، قال لي أمير المؤمنين المهدى: لما أتانا نعى مقاتل اشتد ذلك على فذكرته لأمير المؤمنين أبى جعفر فقال لا يكبر عليك فانه كان يقول لي أنظر ما تحب أن أحدثه فيك حتى أحدثه» ٦» .

وذكروا أنّ مقاتلا قال للمهدى: «ان شئت وضعت لك أحاديث فى العباس، فقال المهدى: «لا حاجة لي فيها» «٦٦» .

انتقل مقاتل من البصرة إلى بغداد، وكانت بغداد إذ ذاك عاصمة الخلافة، وقد كثر علماؤها والراحلون إليها، حتى ألف الخطيب البغدادي كتابه «تاريخ بغداد» ضمنه من تراجم علمائها وزهادها وأدبائها نحوا من ٧٨٣١ ترجمة. قال الجاحظ:

«ان الدنيا كلها معلقة ببغداد وصائرة إلى معناها.. وجميع الدنيا تبع لها وكذلك لأهلها» .

وكان مقاتل فى بغداد علما مشهورا يجالس الخلفاء ويسأله الأمراء، كما اشتهر بسعة معارفه وكثرة معلوماته.

جاء فى تهذيب التهذيب: «ومما يدل على سعة علم مقاتل ما قرأت بخط يعقوب النميري قال: حدثني أبو عمران بن رباح عن سركس قال: خرجت مع المهدى إلى الصيد وهو ولى عهد، إذ رمى البازي ببصره، فنظر البازي إلى، فكرر ذلك، فقال لي المهدى:

أطلقه، فأطلقته، فغاب فلم ير له أثر فأقام المهدى بمكانه بقية يومه وليلته، فلما أصبح أرسل من يفحص له عن خبره فنظر فإذا خيال فى الجو، ثم جعل يقرب حتى بان أنه البازي، فنزل وفى مخالبه حية بيضاء لها جناحان، فأخذها المهدى وصار بها الى المنصور، فتعجب منها ثم قال على بمقاتل بن سليمان فأحضر فقال له: ما يسكن هذا الجو من الحيوان؟ قال: أقرب من يسكنه حيات ذوات أجنحة تفرخ فى أذنابها، ربما صاد الشيء منها البزاة. فعجب المنصور من سعة علمه» «٦٧» .

وقد طار صيت مقاتل فى قوله بإثبات الصفات ومبالغته فى ذلك حتى سأل الخليفة مقاتلا فقال له: بلغني أنك تشبه فقال: انما أقول: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ


(٦٤) تهذيب الكمال فى اسماء الرجال للمقدسي، المجلد العاشر مخطوط.
(٦٥) تهذيب الكمال فى اسماء الرجال للمقدسي، المجلد العاشر مخطوط.
(٦٦) تاريخ بغداد: ١٣/ ١٦٧.
(٦٧) ابن حجر، تهذيب التهذيب: ١٠/ ٢٨٤- ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>