للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال على بن الحسين بن واقد المروزي عن عبد المجيد من اهل مرو، سالت مقاتل بن حيان فقلت: يا أبا بسطام أأنت اعلم ام مقاتل بن سليمان؟ قال ما وجدت علم مقاتل فى علم الناس الا كالبحر الأخضر فى سائر البحور.

وقال على بن الحسين بن واقد ايضا سمعت أبا نصير يقول صحبت مقاتل ابن سليمان، ثلاث عشرة سنة فما رايته يلبس قميصا قط الا لبس تحته صوفا «٤٩» .

ونلاحظ ان الثناء على مقاتل يتجه الى تفسيره للقرآن الكريم، وأحيانا الى علمه وشخصه. اما فى الحديث فمقاتل متهم غير موثوق به عند أئمة الحديث، رغم انه قد مر بنا ثناء بعض الائمة على مقاتل، كالإمام الشافعي وعباد بن كثير، وحماد بن ابى حنيفة، وشعبة، ومقاتل بن حيان، وغيرهم.

غير ان هذا الثناء على مقاتل ليس معناه توثيق مقاتل، بل هو مدح لعلمه ولشخصه من غير توثيق له- وهناك فرق بين مدحهم للشخص وقولهم انه ثقة.

اما أئمة الحديث ونقاده، فقد اتهموا مقاتلا بالكذب، ومنهم يحيى بن معين، ومحمد بن سعد، والبخاري، والنسائي، وابن حبان «٥٠» .

ونخلص من هذا الى ان بعض الائمة اثنى على مقاتل، وبعضهم جرحه ولم يوثقه.

والقاعدة فى علوم الحديث انه إذا اجتمع فى الراوي جرح مبين السبب وتعديل- فالجرح مقدم على التعديل وان كثر عدد المعدلين لان مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل «٥١» .

ونحب ان نعيد الى الأذهان هنا ان اتهام مقاتل بالكذب والتدليس قد بنى على قوله لمن سئل عن لون كلب اصحاب الكهف: (هلا قلت: هو ابقع) فكان هذا أول ما علم عن مقاتل.

بيد ان هذا لا يمنعنا ان نستفيد بما خلفه من تراث فى التفسير النقلى والعقلي، شريطة ان نكون حذرين فى قبول الأحاديث التي يوردها، فلا نقبلها الا إذا وردت من طريق آخر صحيح.


(٤٩) تجد هذه الأقوال كلها فى ترجمة مقاتل، بالمجلد العاشر، من تهذيب الكمال.
(٥٠) انظر تهذيب الكمال المجلد العاشر، ترجمة مقاتل. أو انظر فيما سبق (مقاتل وعلم الحديث) : ٤١- ٥١.
(٥١) الباعث الحثيث شرح اختصار عموم الحديث للحافظ ابن كثير، تأليف احمد شاكر الطبعة الثالثة: ٩٦ هامش، نقلا عن السيوطي فى التدريب، وهناك آراء اخرى فى هذا الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>