للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشير ابراهيم الحربي الى اعتماد مقاتل على تفسير قتادة، وهو قتادة بن دعامة السدوسي الاكمة، عربي الأصل، كان يسكن البصرة. توفى سنة ١١٧ هـ «٨» .

روى عن انس وابى الطفيل وابن سيرين وعكرمة وعطاء بن ابى رباح، وكان قوى الحافظة واسع الاطلاع فى الشعر العربي، بصيرا بأيام العرب عليما بانسابهم، متضلعا فى اللغة العربية. وقد اثنى احمد بن حنبل على علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير، ووصفه بالحفظ والفقه.

ونسب الى قتادة الحوض فى القضاء والقدر، قال ابن سعد: كان ثقة مأمونا حجة فى الحديث، وكان يقول بشيء من القدر.

والمرجح لدى ان تفسير قتادة تفسير يغلب عليه الأثر، مع اشتماله على جزء من التفسير العقلي «٩» .

ومع ان من ترجم لمقاتل لم يذكر انه روى عن قتادة، سوى ابراهيم الحربي الذي ذكر ذلك تلميحا لا تصريحا، الا ان سكنى قتادة بالبصرة، ورحيل مقاتل الى البصرة، وموالاته للأزد بها ووفاته فيها تؤيد ان مقاتلا قد استفاد من تفسير قتادة.

اما ان قتادة توفى سنة ١١٧ هـ، وقد رجحنا ان رحيل مقاتل الى البصرة كان بعيد سنة ١٣٠ هـ، فان هذا لا ينفى استفادة مقاتل من تفسير قتادة، بل يؤيد ان استفادة مقاتل بتفسير قتادة كان بطريق معمر عن قتادة، وشيبان عن قتادة، كما نفهمه من اشارة ابراهيم الحربي.

٣- وقد روى ان تفسير مقاتل عرض على الضحاك فلم يعجبه قال فسر كل حرف «١٠» . وهذا دليل على ان التفسير الكامل للقرآن لم يكن مألوفا فى عصر مقاتل، فضلا عن العصر السابق عليه. وان مقاتلا كان من أوائل من فسروا القرآن تفسيرا كاملا، وربما اشترك معه معاصرون مثل الكلبي الذي قيل ان تفسيره مثل تفسير مقاتل سواء.

بيد ان هذه التفاسير الكاملة للقرآن الكريم لم تصل إلينا، والذي وصل إلينا منها هو تفسير مقاتل بن سليمان.

وقد طبع بالهند تفسير سفيان الثوري المتوفى سنة ١٦١ هـ، ولكنه تفسير يقتصر على كلمات معدودة وآيات محدودة فى كل سورة.


(٨) تهذيب التهذيب: ٨/ ٣٥١- ٣٥٦.
(٩) قال معمر: سالت أبا عمرو بن العلاء عن قوله تعالى: «وما كنا له مقرنين» (الزخرف/ ١٣) فلم يجبني فقلت سمعت قتادة يقول: مطيقين، فسكت، فقلت له: ما تقول يا أبا عمرو؟ فقال:
حسبك قتادة. ولولا كلامه فى القدر-
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ذكر القدر فأمسكوا- ما عدلت به أحدا من اهل دهره. (وفيات الأعيان: ٢/ ١٧٩) .
(١٠) تهذيب الكمال، المجلد العاشر، ترجمة مقاتل بن سليمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>