للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عاش النبي عليه السلام وقضى والمسلمون على عقيدة واحدة هي ما جاء فى كتاب الله، «لأنهم أدركوا زمان الوحى وشرف الصحبة، وأزال نور الصحبة عنهم ظلم الشكوك والأوهام» «١١» .

فالمسلمون فى الصدر الاول كانوا يرون ان لا سبيل لتقرير العقائد الا بوحي اما العقل فمعزول عن الشرع وانظاره كما يقول ابن خلدون، «وكانوا يرون ان التناظر والتجادل فى الاعتقاد يؤدى الى الانسلاخ من الدين، فقد قررت عقائد الدين فى القرآن الكريم المقطوع به فى الجملة والتفصيل» «١٢» .

- ٢- تشبيه مقاتل فى ذات الله

نسب الى مقاتل «١٣» - والى غيره من المجسمة- القول (بان الله جسم، وانه جثة على صورة الإنسان، لحم ودم وشعر وعظم، لو جوارح وأعضاء، من يد ورجل وراس وعينين، مصمت، وهو مع هذا لا يشبهه «غيره» ) .

وقالت المقاتلية- اصحاب مقاتل بن سليمان- فى تعليل ذلك: (لأنا لم نشهد شيئا موسوما بالسمع والبصر والعقل والعلم والحياة والقدرة الا ما كان لحما ودما «١٤» .

وهذا راى فاسد بعيد عن عقائد الدين التي قررها الوحى، ونطق بها الصادق المصدوق، واجمع عليها الصحابة والسلف الصالح من هذه الامة.

قال ابو محمد عثمان بن الحسن العراقي «١٥» :

(واما المجسمة فهم طائفة يزعمون بان الله تعالى جسم لا كالأجسام، كما تقول هو شيء لا كالأشياء، ونفس لا كالانفس وعالم لا كالعلماء.


(١١) طاش كبرى زاده، مفتاح السعادة: ٢/ ٢٢.
(١٢) مصطفى عبد الرازق، الفلسفة الاسلامية: ٢٧٠.
(١٣) مقالات الاسلاميين: للأشعري: ١/ ١٥٢، طبعة فيسبادن سنة ١٩٦٣ م.
(١٤) الحور العين، تحقيق كمال مصطفى: ١٤٤ مطبعة السعادة سنة ١٩٤٨ م. وانظر الإيجي:
المواقف: ٢٧٣، والبدء والتاريخ: ١/ ٨٠، والفرق والتاريخ: ١١٨، والبزدوى، اصول الدين:
٢١.
(١٥) الفرق المفترقة بين اهل الزيغ والزندقة: ٧٦، لأبي محمد بن عبد الله بن الحسن العراقي الحنفي، تحقيق بشار قوتلوآي، طبع انقرة سنة ١٩٦١ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>