للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب، ونقول ان راى هذه الطائفة فاسد، وعقيدتهم شر العقائد، لأنا قد بينا الفرق بين الشيء والجسم، فالشيء عبارة عن الموجود، والجسم عبارة عن التأليف والتركيب، والتأليف عبارة عن جمع شيئين بعد ان يكونا متفرقين، وذلك من أمارات الحدوث، وهو منفي عن ذات الباري تبارك وتعالى. والله اعلم) .

وقال عبد القاهر البغدادي:

(والمشبهة صنفان: صنف شبهوا ذات الباري بذات غيره، وكل صنف من هذين الصنفين متفرقون على اصناف شتى) «١٦» .

وقد كان السلف الصالح لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون.

ومن لم يتق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه، فان ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس فى معناه احد من البرية، وهو سبحانه: يتنزه عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات) «١٧» .

وقول المقاتلية: هو لحم ودم وله صورة كصورة الإنسان، (لأنا لم نشهد شيئا موسوما بالسمع والبصر والعقل والعلم والحياة والقدرة الا ما كان لحما ودما) «١٨» ، هذا القول انما ينطبق على الحوادث والمخلوقات، اما الخالق فليس مشبها للحوادث، ولا تنطبق عليه صفاتها، وما أضيف اليه من صفات كالعلم والحياة والقدرة هي صفات خاصة به سبحانه.

ثم اننا ان جعلنا الله لحما ودما وجسما، اقتضى ذلك ان يكون له طول وعرض وعمق يمنع غيره من ان يوجد بحيث هو الا بان يتنحى من ذلك المكان. وذلك فى حق الله تعالى محال وهو مقدس عنه.

[قال ابو حامد الغزالي:]

(فمن خطر بباله ان الله جسم مركب من أعضاء فهو عابد صنم، فان كل جسم مخلوق، وعبادة المخلوق كفر، وعبادة الصنم كانت كفرا، لأنه مخلوق فمن عبد جسما فهو كافر بإجماع الامة: السلف منهم والخلف..) .

(ومن نفى الجسمية عنه وعن يده، وإصبعه، فقد نفى العضوية واللحم


(١٦) عبد القاهر البغدادي الأسفرائيني (ت ٤٢٩ هـ) - ١٣٠٧ م فى الفرق بين الفرق: ٢٢٩، تحقيق محيى الدين عبد الحميد.
وفى نفس الكتاب: ١٣٨ تحقيق محمد زاهد الكوثرى ط ١٩٤٨ م، (وكل صنف من هذين الصنفين مفترقون على اصناف شتى) . [.....]
(١٧) شرح العقيدة الطحاوية: ١٧٦- ١٧٧ ط ٣ دمشق.
(١٨) الحور العين، ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>