للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن سليمان، فقد كانت لمقاتل منزلة كبيرة فى بلخ، وكان مقربا الى سلم بن احوز المازني، قائد نصر بن سيار، فاستغل هذه المنزلة ونفى جهما الى ترمذ «٦» .

ويذكر المقدسي فى تهذيب الكمال «٧» ان لقاء جهم بمقاتل كان فى مرو فيقول:

(وقال العباس بن مصعب المروزي: مقاتل بن سليمان الأزدي أصله من بلخ، قدم الى مرو فنزل على الرزيق، وتزوج بأم ابى عصمة- نوح بن ابى مريم-، وكان حافظا فى التفسير، وكان لا يضبط الاسناد، وكان يقص فى الجامع بمرو، فقدم عليه جهم فجلس الى مقاتل، فوقعت العصبية بينهما، فوضع كل واحد منهما على الآخر كتابا ينقض على صاحبه [فيه] «٨» .

كما ذكر الذهبي فى ميزان الاعتدال (٣/ ١٩٦) : ان لقاء جهم بمقاتل كان فى مرو. ونسب ذلك للعباس بن مصعب فى تاريخ مرو.. وساق الرواية السابقة، على حين ذكر ابن كثير فى البداية والنهاية (٩/ ٣٥٠) ان لقاء جهم بمقاتل كان فى مسجد مقاتل ببلخ.

اما ابن حجر فى تهذيب التهذيب (١٠/ ٢٧٩) ، فقد ساق رواية العباس بن مصعب المروزي السابقة. ولكنه أسقط منها مكان اللقاء قال: (.. وكان يقص فى الجامع فوقعت العصبية بينه وبين جهم، فوضع كل واحد منهما كتابا على الآخر ينقض عليه) .

ويمكن ان تجمع بين هذه الروايات بان لقاء جهم بمقاتل تكرر مرة فى بلخ ومرة فى مرو، فكلتاهما من مدن خراسان، وبين مرو وبلخ ١٢٢ فرسخا «٩» اثنان وعشرون منزلا «١٠» .

وقد نشا جهم فى بلخ، وتنقل فى مدن خراسان، تلك المنطقة التي كانت تموج بالفرق المختلفة، والإسلام لا يزال جديدا على أهلها «١١» .

وراى مقاتل بن سليمان لزاما عليه ان يتصدى لمنازلة جهم، ودحض دعاويه وأفكاره الدخيلة عن ذات الله وصفاته..


(٦) ابن كثير، البداية والنهاية فى التاريخ: ٩/ ٣٥٠.
(٧) المجلد العاشر مخطوط: (ترجمة مقاتل) .
(٨) المقدسي، تهذيب الكمال، المجلد العاشر (مخطوط) .
(٩) ياقوت معجم البلدان: ٤/ ٥٠٧ (طهران سنة ١٩٦٥) .
ونلاحظ ان الذي ذكر ان لقاء مقاتل بجهم كان فى مرو رجل من اهل مرو. وكان العلماء والمؤرخون يحبون ان ينوهوا بشأن بلادهم، وربما تعصبوا لبلدهم. (المناقب لابن البزازى: ١/ ٨٥ وما يليها) .
(١٠) المرجع السابق: والمنزل هنا معناه: استراحة ينزل فيها المسافر ثم يستأنف السير الى المنزل التالي فيستريح فيه، وهكذا حتى يصل الى هدفه.
(١١) بالنسبة للحجاز والعراق، فلم تثبت اقدام المسلمين فى خراسان الا سنة ٩٠ هـ على يد قتيبة ابن مسلم (وانظر فيما سبق الفتح الإسلامي لبلخ: ٣٠- ٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>