للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اما تفسير مقاتل (لآية الفتح/ ١٠) (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) فهو وان لم يذكر تفسيرا خاصا باليد، يبدو من سياق كلامه انه يؤول اليد بالنصرة والقوة، او العهد والميثاق.

[وقد اختلف المفسرون فى تفسير معنى اليد المذكورة فى القرآن الكريم:]

وأجمل ذلك الطبري فى تفسيره فنقل عن السدى انها اليد الحقيقة «٣١» ، وعن بعضهم ان المراد بيديه نعمتاه، وان ذلك بمعنى يد الله على خلقه، وذلك نعمته عليهم، وقال: ان العرب تقول: لك عندي يد يعنون بذلك نعمة.

وقال آخرون منهم عنى بذلك القوة، وقالوا: ذلك نظير قول الله تعالى ذكره:

وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي (ص/ ٤٥) . وقال آخرون منهم بل يده ملكه، وقال معنى قوله وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ (المائدة/ ٦٤) ملكه، وخزائنه. وقالوا ذلك كقول العرب للملوك، هو ملك يمينه، وفلان بيده عقد نكاح فلانة، اى يملك ذلك. وكقول الله تعالى: فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً (المجادلة/ ١٢) .

وقال آخرون منهم: بل يد الله صفة من صفاته هي يد، غير انها ليست بجارحة كجوارح بنى آدم.

قالوا: وذلك ان الله- تعالى ذكره- اخبر عن خصوصية آدم بما خصه إياه من خلقه (بيده) ، إذ جميع خلقه مخلوقون بقدرته، ومشيئته فى خلقه نعمة، وهو لجميعهم مالك «٣٢» .

[ويمكن ان نوجز آراء المفسرين فى اليد فى ثلاثة مذاهب:]

١- انها يد حقيقية.

٢- انها من المتشابه الذي نؤمن به كما ورد، ونفوض المراد منه الى الله تعالى.

وتلك طريقة السلف.

٣- ان اليد مجاز عن القوة او عن الجود.

اما المذهب الاول فهو ممنوع عقلا وشرعا، لما يفضى اليه من التجسيم والتشبيه.

والإله منزه عن ذلك.

بقي المذهبان الثاني والثالث، وهما يتفقان على تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه، وعلى ان المراد باليد غير اليد الجارحة، اى انهما اتفقا على اصل التأويل.

وانحصر الخلاف بينهما فى ان الخلف حددوا المعنى المراد بانه القوة او الجود اما السلف ففوضوا الى الله.


(٣١) الطبري، تفسير: ٦/ ٣٠٠. [.....]
(٣٢) الطبري، تفسير: ٦/ ٣٠٠- ٣٠١، ولم يذكر الطبري اصحاب كل راى من هذه الآراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>