للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى سورة الحديد/ ٤، يقول سبحانه: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) .

قال مقاتل: قبل خلقهما «٧» .

اى ان الله استوى على العرش قبل خلق السموات والأرض.

وهكذا نجد فى تفسير مقاتل ان كل آية ذكر فيها ان الله استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض يؤولها مقاتل بما يفيد ان الاستواء كان سابقا على الخلق.

كما ذهب مقاتل فى تفسيره الى ان الله خلق السموات قبل الأرض، اعتمادا على ما ورد فى القرآن الكريم من مثل قوله تعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «٨» .

وأول مقاتل الآيات التي وردت فى القرآن تفيد ان خلق الأرض كان قبل خلق السموات.

ففي سورة فصلت الآيات ٩- ١١ يقول سبحانه:

قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ: وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) .

قال مقاتل قبل ذلك «٩» ، «اى قبل خلق الأرض» .

ومقاتل لا يرى غضاضة فى ذلك التأويل بل يعتقد ان هذا التأويل مما خص به اهل الفهم فى القرآن الكريم، حتى يلحقوا المتشابه بالمحكم، فان القرآن كله واضح لا لبس فيه، ولا يضرب بعضه بعضا.

قال مقاتل: «باب تفسير اشتباه التقديم فى الكلام» اما قوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ «١٠» . وقوله سبحانه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ «١١» . فكان هذا عند من يجهل التفسير ينقض بعضه بعضا، وليس بمنتقض، ولكن تفسيرهما فى وجوه تقديم الكلام مشتبه.


(٧) تفسير مقاتل: ٢/ ١٨٣، وفى تحقيقنا له: ٤/ ٢٣٧.
(٨) سورة النازعات: ٢٧- ٣٠.
(٩) تفسير مقاتل: ٢/ ١٣٢ ب، وفى تحقيقنا له: ٣/ ٧٣٦- ٧٣٧.
(١٠) سورة هود: ٧.
(١١) الأعراف: ٥٤، وما بين الأقواس « ... » ساقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>