للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الف وأصحابه ثلثمائة واربعة عشر رجلا. استقبل القبلة ثم مد يديه وجعل يهتف بربه اللهم أنجز ما وعدتني اللهم ان تهلك هذه العصابة من اهل الإسلام لا نعبد فى الأرض.. فأمدهم الله بالملائكة، ونزل جبريل عليه السلام في ألف من الملائكة، فقام جبريل فى خمسمائة ملك عن ميمنة الناس معهم أبو بكر، ونزل ميكائيل عليه السلام فى خمسمائة على ميسرة الناس معهم عمر، في صور الرجال عليهم البياض، وعمائم بيض قد ارخوا أطرافها بين أكتافهم. والظاهرة الملاحظة هنا هي إسراف مقاتل فى التجسيم، سواء فى حديثه عن صفات الله او عن اعمال الملائكة.

وقد ذهب استاذنا الدكتور مصطفى زيد فى تفسيره لسورة الأنفال الى ان نزول الملائكة فى غزوة بدر كان لتثبيت المؤمنين، واستبعد ان يكونوا قد اشتركوا مع المؤمنين فى قتال المشركين «٢٩» .

وفى تأييد الله للمؤمنين بانزال المطر لهم وتغشية النعاس إياهم يقول مقاتل تفسيرا للآية ١١ «٣٠» فى السورة:

القى الشيطان الرعب فى قلوب المؤمنين، فألقى الله عليهم النعاس أمنة من الله ليذهب همهم، وأرسل السماء عليهم ليلا فمطرت مطرا جوادا حتى سالت الأودية، وملئوا الأسقية، وسقوا الإبل، واتخذوا الحياض، واشتدت الرملة، وكانت تأخذ الى كعبي الرجال «٣١» .. فانزل الله الآية.

- ٦- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

اولع مقاتل ببيان اسباب نزول وقد أعاب قوم عليه العناية بأسباب النزول «٣٢» ، لأنها توهم ان لكل آية فى القرآن سبب نزول ولأنها تقطع الآية الواحدة الى اجزاء متناثرة لكل جزء سبب نزول خاص.

ونحن لا نوافقهم على ذلك فالعناية بأسباب النزول ضرورية لمن أراد تفسير القرآن حتى قال الواحدي:

لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها.

وقال ابن دقيق العيد:


(٢٩) سورة الأنفال: عرض وتفسير: ٦٥- ٦٨- ط ٣ سنة ١٩٥٧.
(٣٠) من قوله تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ، وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ، وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ» .
(٣١) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ج ١ ورقة ١٤٣ ب، وانظر تحقيقنا له: ٢/ ١٠٤.
والعبارة مختصرة من التفسير وليست بنصها.
(٣٢) منهم الشيخ محمد عبده فى تفسير المنار: ٢/ ٥٧، ٢٢٥. والشيخ محمد الطاهر بن عاشور فى تفسير القرآن- المقدمة الخامسة فى اسباب النزول: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>