للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان سبب النزول طريق قوى فى فهم معاني القرآن، وقال ابن تيمية:

معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فان العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.

وقال السيوطي: لمعرفة اسباب النزول فوائد. وأخطأ من قال لا فائدة له لجريانه مجرى التاريخ.

على ان العناية بأسباب النزول لا تعنى قصر الحكم على من نزل بشأنه فقد انزل الله الكتاب هدى ونورا وتبيانا لكل شيء وتكفل الله بحفظه، ومن حفظ الكتاب حفظ علومه وتاريخ نزوله واسباب نزوله ومعرفة «ان ورود العام على سبب خاص لا يسقط عمومه» «٣٣» .

ان القول بتعدية الآيات الى غير أسبابها جعل جمهور الأصوليين يذهبون الى ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» «٣٤» .

فالنص القرآنى العام الذي نزل بسبب خاص معين يشمل بنفسه افراد السبب وغير افراد السبب، لان عموميات القرآن لا يعقل ان توجه الى شخص معين.

قال ابن تيمية: «والناس وان تنازعوا فى اللفظ العام الوارد على سبب: هل يختص بسببه؟ فلم يقل احد ان عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وانما غاية ما يقال: انها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ «٣٥» والآية التي لها سبب معين ان كانت امرا او نهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته. وان كانت خبرا بمدح او ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته ايضا فان العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ولهذا كان أصح قولي الفقهاء: انه إذا لم يعرف ما نواه الحالف رجع الى سبب يمينه وما هيجها وأثارها «٣٦» .

- ٧- مثال بحركة النفاق المدينة

هذه مثلا حركة النفاق التي تفاقم أمرها بالمدينة، وكان لزاما ان يثير القرآن فى كثير من سوره وآياته حملة عنيفة عليها، وعلى دسائس المنافقين واراجيفهم،


(٣٣) قاله الغزالي فى المستصفى: ٢/ ٦٠.
(٣٤) الإتقان للسيوطي المسالة الثانية فى اسباب النزول: ٣٠.
(٣٥) فان اللفظ بعد قصره على بسببه يصير خاصا فيكون العموم باعتبار علة الحكم لا باعتبار مدلول اللفظ.
(٣٦) الإتقان: ١/ ٥١، وانظر التحرير لابن الهمام وشرحه: ١/ ٢٣٥، فقد صرح بهذا المعنى، ومقدمة فى اصول التفسير لابن تيمية: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>