للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتقى المسلمون شرهم وغدرهم وحتى يظلوا عبرة للاجيال القادمة فى كل زمان ومكان، فنحذرهم أينما وجدوا ونتقي شرهم أينما حلوا.

وهناك هدف آخر من وصف المنافقين وهو تحذير الناس ان يأمنوا جانبهم ويركنوا إليهم او ينخرطوا فى جماعتهم بسبب الغرور او الغفلة.

فمن كذبهم وسوء قصدهم اتخاذ المساجد مكانا للخيانة والغدر ومكر السوء بالمسلمين. وقد عناهم الله بقوله: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ سورة التوبة: ١٠٧.

قال مقاتل «٤١» : نزلت في اثني عشر رجلا من المنافقين وكلهم من الأنصار، قالوا نبنى مسجدا نتحدث فيه ونخلوا فيه فإذا رجع ابو عامر الراهب من الشام قلنا بنيناه لتكون امامنا فيه.

فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا انا قد بنينا مسجدا وما أردنا الا الحسنى، ونحب ان تصلى فيه فانزل الله الآية.

ومن اسلحة المنافقين السخرية والاستهزاء وتوهين العزائم وعيب المجاهدين كما وصفهم الله بقوله: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

قال مقاتل «٤٢» : نزلت فى مصعب بن قيس وحكيم بن زيد، كانوا يطعنون المتصدقين. فجاء عبد الرحمن بن عوف بشيء كثير فقالوا مراء وجاء عاصم بن عدى الأنصاري بسبعين وسقا من تمر وهو حمل بعير فنثره فى الصدقة، وجاء ابو عقيل ابن قيس الأنصاري بصاع، ونفر من المنافقين جلوس فمن تصدق بشيء كثير قالوا مراء ومن جاء بقليل قالوا كان هذا أفقر إلى ماله. وقالوا لعبد الرحمن بن عوف ما أنفقت الا رياء وقالوا لأبي عقيل لقد كان الله ورسوله غنيين عن صاع أبي عقيل فسخروا وضحكوا منهم فانزل الله الآية.

وقد حاول المنافقون قتل النبي وبيتوا أمرهم على الكيد للإسلام والمسلمين فلما كشف الله أمرهم واخبر نبيه بمكرهم اقسموا بالله كذبا كعادتهم قال تعالى:

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ


(٤١) تفسير مقاتل [١/ ١٦٠ ب] مخطوطة احمد الثالث، وانظر تحقيقنا له: ٢/ ١٩٥- ١٩٦، كما ورد فى الواحدي: ١٣٩ وفى السيوطي: ١٢٥.
(٤٢) فى تفسيره [١/ ١٥٨] وانظر تحقيقنا له: ٢/ ١٨٦، وقد ورد فى الواحدي: ١٤٦- ١٤٧، وفى السيوطي: ١٣١، كما روى ذلك الشيخان. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>