للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل تحت السرير فمات، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم اربعة ايام لا ينزل عليه الوحى فقال: يا خولة ما حدث فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ جبريل لا يأتيني. فقلت فى نفسي: لو هيأت البيت وكنسته. فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد «٥٥» لحيته، وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة» فانزل الله: والضحى الى قوله «فترضى» .

فنحن بين هاتين الروايتين تقدم الرواية الاولى فى بيان السبب لصحتها. دون الثانية. لان فى اسنادها من لا يعرف، ورائحة الوضع ظاهرة فيها.

قال ابن حجر فى شرح البخاري: (قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفى اسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما فى الصحيح) «٥٦» .

واما الصورة الثانية، وهي صحة الروايتين كلتيهما- ولإحداهما مرجح- فحكمها ان نأخذ فى بيان السبب بالراجحة دون المرجوحة.

والمرجح ان تكون إحداهما أصح من الاخرى، او ان يكون راوي إحداهما مشاهدا للقصة دون راوي الاخرى. مثال ذلك، ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال: «كنت امشى مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب، فمر بنفر من اليهود، فقال بعضهم: لو سألتموه. فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ورفع رأسه فعرفت انه يوحى اليه حتى صعد الوحى، ثم قال: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا سورة الاسراء/ ٨٥.

وما أورده مقاتل «٥٧» من انها نزلت فى ابى جهل وأصحابه وهو موافق لما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: «قالت قريش لليهود، أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل عنه فقالوا اسالوه عن الروح فسألوه فانزل الله وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الآية» «٥٨» .

فهذا الخبر الثاني يدل على انها نزلت بمكة، وان سبب نزولها سؤال قريش إياه.

اما الاول فصريح فى انها نزلت بالمدينة بسبب سؤال اليهود إياه وهو أرجح من وجهين: أحدهما انه رواية البخاري. اما الثاني فانه رواية الترمذي، ومن المقرر


(٥٥) قال فى القاموس: «وقد رعد كنصر ومنع، وقال هامش القاموس استعمل رعد ثلاثيا ايضا مجهولا دائما كجن. قالوا رعد اى اصابته رعدة قاله الخفاجي فى شرح الشفاء» اهـ.
(٥٦) الإتقان: ١/ ٣٣. [.....]
(٥٧) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث [٣١٩ ب] وانظر تحقيقي له: ٢/ ٥٤٧.
(٥٨) سورة الاسراء: ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>