للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى «١٠» ، فذكر ان الله استقر فوق العرش، والاستقرار انما يكون بعد اضطراب سابق، وتحديد الفوقية يستلزم التحيز والجسمية، والتجزؤ والحركة، وغيرها من اعراض الحدوث.

والثابت بالادلة القطعية ان الله تعالى ليس جسما، ولا متحيزا، ولا متجزئا، ولا متركبا، ولا محتاجا لأحد، ولا الى مكان او زمان. وقد جاء القرآن بهذا فى محكم آياته إذ يقول تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ «١١» ويقول: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ «١٢» .

- ٣- الرأي السديد فى متشابه الصفات

علماؤنا أجزل الله مثوبتهم- قد اتفقوا على ثلاثة امور تتعلق بهذه المتشابهات ثم اختلفوا فيما وراءها.

فأول ما اتفقوا عليه هو صرفها عن ظواهرها المستحيلة، واعتقاد ان هذه الظواهر غير مرادة للشارع قطعا.

وثانيه انه إذا توقف الدفاع عن الإسلام على التأويل لهذه المتشابهات وجب تأويلها بما يدفع شبهات المشتبهين، ويرد طعن الطاعنين.

وثالثه ان المتشابه ان كان له تاويل واحد يفهم منه فهما قريبا، وجب القول به اجماعا، وذلك كقوله سبحانه: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ «١٣» فان الكينونة بالذات مع الخلق مستحيلة قطعا. وليس لها بعد ذلك الا تاويل واحد، هو الكينونة معهم بالاحاطة علما وسمعا وبصرا وقدرة وارادة «١٤» .

- ٤- ثلاثة مذاهب فى متشابه الصفات

واما اختلاف العلماء فيما وراء ذلك فقد وقع على ثلاثة مذاهب:

المذهب الاول مذهب السلف، ويسمى مذهب المفوضة (بكسر الواو) وهو تفويض معاني هذه المتشابهات الى الله وحده، بعد تنزيهه تعالى عن ظواهرها المستحيلة.


(١٠) سورة طه: ٥.
(١١) سورة الشورى: ١١.
(١٢) سورة الإخلاص.
(١٣) سورة الحديد: ٤.
(١٤) قارن بالبرهان: ٣/ ٧٨، والإتقان: ٢/ ٦، ومناهل العرفان: ٢/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>