للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الآراء على كثرتها ترجع الى رأيين اثنين:

أحدهما: انها جميعا مما استأثر الله به، ولا يعلم معناه احد سواه، وهذا راى كثير من الصحابة والتابعين «١» .

وثانيها: ان لها معنى، وقد ذهبوا فى معناها مذاهب شتى:

١- فمنهم من قال انها اسماء للسور التي بدئت بها «٢» ، او ان كلا منها علامة على انتهاء سورة والشروع فى اخرى.

٢- ومنهم من قال انها رموز لبعض اسماء الله تعالى او صفاته، فنسب الى ابن عباس فى (كهيعص) ان الكاف من الملك، والهاء من الله، والياء من العزيز والصاد من المصور.

ونسب اليه اشارة الى: كاف، هاد، أمين، عالم، صادق، وروى عنه فيها ايضا: كبير، هاد، أمين، عزيز، صادق «٣» .

وروى عن الضحاك فى معنى، الر: انا الله ارفع «٤» .

٣- ومنهم من قال انها قسم اقسم الله به «٥» ، لبيان شرف هذه الحروف وفضلها، إذ هي مباني كتابه المنزل على رسوله.

٤- ومنهم من قال ان المقصود منها هو تنبيه السامعين وايقاظهم.

٥- ومنهم من قال: ان المقصود منها سياسة النفوس المعرضة عن القرآن واستدراجها الى الاستماع اليه. والمعروف ان اعداء الإسلام فى صدر الدعوة كانوا يتواصون بعدم الاستماع للقرآن ويقولون: لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ.

فلما أنزلت السور المبدوءة بحروف الهجاء، وقرع اسماعهم ما لم يألفوا، التفتوا، وإذا هم امام آيات بينات استهوت قلوبهم، واستمالت عقولهم، فآمن من أراد هدايته، وشارف الايمان من شاء الله تأخيره، وقامت الحجة فى وجه الطغاة المكابرين «٦» .


(١) نسب القرطبي فى تفسيره هذا الرأي الى ابى بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين. وقال به عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره ابو حاتم بن حيان (تفسير ابن كثير ١/ ٣٦) .
(٢) قال بذلك عبد الرحمن بن زيد بن اسلم قال الزمخشري فى تفسيره وعليه اطباق الأكثر ونقله عن سيبويه وروى عن مجاهد انه قال: الم، حم، المص، ص فواتح افتتح الله بها القرآن (تفسير ابن كثير ١/ ٣٦، والبيضاوي ص ٧) .
(٣) انظر هذه الأقوال المختلفة فى الإتقان ٢/ ١٤. وفى تفسير الطبري أول سورة مريم.
(٤) الإتقان ٢/ ١٣.
(٥) تفسير ابن كثير: ١/ ٣٦.
(٦) مناهل العرفان للزرقاني: ١/ ٢٢٢، ويلاحظ ان هذا الرأي قريب من سابقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>