للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى ثلاث وعشرين ليلة قدر من ثلاث وعشرين سنة. ينزل الله فى كل ليلة قدر ما قدر انزاله فى تلك السنة. ثم ينزل به جبريل منجما على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والرأي الثالث: - وهو راى الشعبي- انه ابتدا انزاله فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما فى اوقات مختلفة من سائر الأزمان على النبي صلى الله عليه وسلم «٩» .

وقد ساق السيوطي فى الإتقان هذه الآراء، ونقل عن ابن حجر ان الاول هو الصحيح المعتمد، كما ذكر هذه الآراء الزركشي فى البرهان ثم قال: «والقول الاول أشهر وأصح، واليه ذهب الأكثرون، ويؤيده ما رواه الحاكم فى مستدركه عن ابن عباس قال: انزل الله القرآن جملة واحدة الى سماء الدنيا فى ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك فى عشرين سنة. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين» «١٠» .

- ٢- راى مقاتل فى نزول القرآن

ذهب مقاتل الى ان القرآن نزل الى السماء الدنيا فى ثلاث وعشرين ليلة قدر، ينزل فى كل ليلة قدر منها ما يقدر الله انزاله فى تلك السنة، ثم ينزل بعد ذلك منجما فى جميع السنة، على النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد ردد مقاتل هذا القول فى تفسيره لآيات نزول القرآن، فى ثلاثة مواضع:

(ا) عند تفسيره لقوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ.. «١١»


التنزل الاول الى اللوح المحفوظ قال تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ.
والتنزل الثاني من اللوح المحفوظ الى بيت العزة فى السماء الدنيا. ودليله قوله سبحانه:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
والتنزل الثالث: من سماء الدنيا إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منجما فى ثلاث وعشرين سنة، ودليله قوله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا.
(٩) انظر البرهان: ١/ ٢٢٨، والإتقان: ١/ ٤٠، والفرقان فى علوم القرآن للزرقاني: ١/ ٣٩، وتفسير ابن كثير: ١/ ٢١٥- ٢١٦. وتفسير مقاتل بن سليمان مخطوط احمد الثالث: ١/ ٢٨ ب، وانظر تحقيقي له مجلد ١/ ١٦١، ونفس التفسير، مخطوطة احمد الثالث ٢/ ٢٢٦ ا. وتحقيقي له مجلد ٤ ٥٦٣.
(١٠) البرهان: ١/ ٢٢٨. وانظر السيوطي فى الإتقان: ١/ ٤٠. فقد ساق جملة من الأحاديث الصحيحة فى تأييد الرأي الاول، وهي أحاديث صحيحة موقوفة على ابن عباس، غير ان لها حكم المرفوع الى النبي صلى الله عليه وسلم، لما هو مقرر من ان قول الصحابي فيما لا مجال للرأي فيه، ولم يعرف بالأخذ عن الاسرائيليات- حكمه حكم المرفوع.
ونزول القرآن الى بيت العزة من انباء الغيب التي لا تعرف الا من المعصوم صلى الله عليه وسلم.
وابن عباس لم يعرف بالأخذ عن الاسرائيليات.
(١١) سورة البقرة الآية ١٨٥. وانظر تفسيرها فى تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ١/ ٢٨ ب، وانظر تحقيقي له مجلد ١/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>