للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ... «١» [الكهف: ٢٨] الآية، فكان يَقْعُدُ معنا، فإذا بَلَغَ الوقْتَ الذي يقوم فيه، قمنا وتركناه، حتّى يقوم، وسَلامٌ عَلَيْكُمْ: ابتداءٌ، والتقديرُ: سَلاَمٌ ثابتٌ أو واجبٌ عليكم، والمعنَى: أمَنَةً لكُمْ مِنْ عذاب اللَّه في الدنيا والآخرة، ولفظه لفظُ الخَبَر، وهو في معنى الدُّعَاء، قال الفَخْر «٢» قوله تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ: النّفس هاهنا:

بمعنى الذَّات، والحقيقةِ، لا بمعنى الجِسْمِ، واللَّهُ تعالى مقدَّس عنه. انتهى.

قلتُ: قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ في كتاب «تفسير الأَفْعَال الواقعة في القُرآن» : قوله تعالى:

كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، قال علماؤنا: كَتَبَ: معناه أَوْجَبَ، وعندي أنه كتب حقيقة، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ القَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكتب، فَكَتَبَ مَا يَكُونُ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ» «٣» . انتهى.


(١) ذكره ابن عطية (٢/ ٢٩٦) .
(٢) ينظر: «مفاتيح الغيب» (١٣/ ٤) .
(٣) ورد ذلك في حديث عبادة بن الصامت، وابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة.
فأما حديث عبادة فرواه أبو داود (٢/ ٦٣٧- ٦٣٨) في السنة، باب في القدر (٤٧٠٠) ، والترمذي (٤/ ٣٩٨) في القدر، باب (١٧) (٢١٥٥) وأحمد (٥/ ٣١٧) ، والبخاري في «التاريخ» (٦/ ٩٢) ، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٠٢- ١٠٥) ، والبيهقي في «السنن» (١٠/ ٢٠٤) ، من طرق عنه به مرفوعا، وكذا رواه الطبري (١٢/ ١٧٧) (٣٤٥٤٣، ٣٤٥٤٨) .
وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وأما حديث ابن عباس فروي مرفوعا أو موقوفا.
فأما المرفوع فرواه أبو يعلى (٢٣٢٩) ، والبيهقي في «السنن» (٩/ ٣) ، وفي «الأسماء والصفات» ص (٣٧٨) من طريق عبد الله بن المبارك قال: «أخبرنا رباح بن زيد، عن عمرو بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا» . إن أول شيء خلقه الله القلم، وأمره فكتب كل شيء.
وكذا رواه الطبري (٣٤٥٤٤) .
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١١/ ٤٣٣) (١٢٢٢٧) عن مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس مرفوعا «إن أول ما خلق الله تعالى القلم والحوت قال: ما أكتب؟ قال: كل شيء كان إلى يوم القيامة» ثم قرأ ن وَالْقَلَمِ [القلم: ١] فالنون: الحوت. والقلم: القلم.
وقال الطبراني: لم يرفعه عن حماد بن زيد إلا مؤمل بن إسماعيل.
وقال في «المجمع» (٧/ ١٣١) ومؤمل ثقة كثير الخطأ، وقد وثقه ابن معين وغيره، وضعفه البخاري، وبقية رجاله ثقات.
وأما الموقوف فرواه الطبري (٣٤٥٢٨، ٣٤٥٣٠، ٣٤٥٣١) وابن منده في «التوحيد» (١/ ٩٤، ١٩٢) برقم (١٥، ٦٥) ، وأبو الشيخ في «العظمة» (٨٩٧) ، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٤٩٨) ، والبيهقي في-

<<  <  ج: ص:  >  >>