للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمهاله، وطَمَعُهُمْ ذلك فيما لم يتحصَّل من رحمته، واعلم أنَّ أعقلَ العقلاء مؤمنٌ مقبِلٌ على آخرته قد جَعَلَ الموْتَ نُصْبَ عينيه، ولم يغترَّ بزخارف الدنيا كما اغتر بها الحمقى، بل جعل همَّهُ واحداً هَمَّ المعادِ وما هو صائرٌ إليه وقد روى البَزَّار في مسنده، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَعَلَ الهُمُومَ هَمًّا وَاحِداً هَمَّ المَعَادِ، كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ الدُّنْيَا، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الهُمُومُ هُمُومُ الدُّنْيَا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ تعالى فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ» «١» . انتهى من «الكوكب الدريِّ» .

وقوله سبحانه: وَذَكِّرْ بِهِ: أي بالقرآن، وقيل: الضمير في بِهِ عائد على الدّين، وأَنْ تُبْسَلَ في موضع المفعولِ له، أي: لَئِلاَّ تُبْسَلَ، ومعناه: تُسْلَمَ قاله الحسن وعكرمة «٢» وقال قتادةُ: تُحْبَسَ وتُرْهَنْ «٣» ، وقال ابن عبَّاس: تُفْضَح «٤» ، وقال ابن زيد «٥» : تجزى، وهذه كلُّها متقاربةُ المعنى ومنه قول الشّنفرى «٦» : [الطويل]


(١) أخرجه ابن ماجه (١/ ٩٥) المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، حديث (٢٥٧) والعقيلي في «الضعفاء» (٤/ ٣٠٩- ٣١٠) وأبو نعيم في «الحلية» (٢/ ١٠٥) من طريق نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن الأسود، عن ابن مسعود به.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأسود لم يرفعه إلا الضحاك، ولا عنه إلا نهشل.
وقال البوصيري: إسناده ضعيف، فيه نهشل بن سعيد قيل: إنه يروي المناكير. وقيل: بل الموضوعات.
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر.
أخرجه الحاكم (٢/ ٤٤٣) وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٢٢٨) برقم (١٣٤٠٩، ١٣٤١٠) ، وذكره البغوي (٢/ ١٠٦) عن عكرمة، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٠٥) وذكره ابن كثير (٢/ ١٤٤) عن الحسن، وعكرمة.
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ٢٢٩) برقم (١٣٤١٥، ١٣٤١٦) بنحوه، وذكره البغوي (٢/ ١٠٦) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٠٥) ، وذكره ابن كثير (٢/ ١٤٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٤٠) ، وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري (٥/ ٢٢٩) رقم (١٣٤١٨) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٠٥) ، وذكره ابن كثير (٢/ ١٤٤) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٣٩) وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبري (٥/ ٢٢٩) برقم (١٣٤١٧) بنحوه، وذكره البغوي (٢/ ١٠٦) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٠٥) ، وذكره ابن كثير (٢/ ١٤٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٤٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن زيد بنحوه.
(٦) عمرو بن مالك الأزدي، من قحطان شاعر جاهلي، يماني، من فحول الطبقة الثانية. كان من فتاك العرب وعدّائيهم. وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم. قتله بنو سلامان. وهو صاحب «لامية العرب» التي مطلعها: [الطويل]
«أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم سواكم لأميل» -

<<  <  ج: ص:  >  >>