للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: بشرط الإِيمان والتوحيد، وإِلا فلا ينفع عَمَلٌ دون إِيمانٍ، وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ ... الآية: قال السديُّ: هذا نهيٌ عن العَشَّارين والمتغلِّبين ونحوه مِنْ أخْذ أموال الناس بالباطِل «١» ، و «الصِّرَاطُ» : الطريقُ، وذلك أنهم كانوا يكثرون من هذا لأنه من قبيل بَخْسهم ونَقْصهم الكيلَ والوزْنَ، وقال أبو هريرة رضي اللَّه عنه: هو نهْيٌ عن السَّلْبِ وقطْع الطرقِ «٢» ، وكان ذلك مِنْ فعلهم، وروي في ذلك حديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وما تقدَّم من الآية يؤيِّد هذين القولَيْنِ، وقال ابنْ عَبَّاس وغيره: قوله: وَلا تَقْعُدُوا نهيٌّ لهم عمَّا كانوا يفعلونه مِنْ رَدِّ الناس عَنْ شُعَيْب «٣» وذلك أنهم كانوا يَقْعُدونَ على الطُّرُقات المفضية إلى شُعَيبٍ، فيتوعَّدون مَنْ أَراد المجيءَ إِلْيه، ويصُدُّونه، وما بعد هذا مِنَ الألفاظ يشبه هذا مِنَ القول، والضميرُ في «به» يحتمل أن يعود على اسم اللَّه، وأنْ يعود على شُعَيْب في قول مَنْ رأى القعودَ على الطُّرُق للرَّدِّ عن شعيب، قال الداوديّ: وعن مجاهد تَبْغُونَها عِوَجاً:

يلتمسون «٤» لها الزيْغَ. انتهى.

ثم عدَّد عليهم نِعَمَ اللَّه تعالَى، وأنه كَثَّرهم بعد قلَّةِ عددٍ.

وقيل: أغناهم بعد فَقْر، ثم حذرهم ومثَّل لهم بمن امتحن من الأممِ، وقوله: وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا ... الاية: قوله:

فَاصْبِرُوا تهديدٌ للطائفة الكافرة، وقولهم: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا معناه: أو لتَصِيرُنّ، و «عَادَ» في كلام العرب على/ وجهين:

أحدُهُمَا: عَادَ الشَّيْءُ إِلى حالٍ قد كان فيها قبل ذلك، وهي على هذا الوجه لا تتعدى، فإِن عُدِّيَتْ، فبحرف ومنه قول الشاعر: [الطويل]

أَلاَ لَيْتَ أَيَّامَ الشَّبَابَ جَدِيدُ ... وعمرا تولّى يا بثين يعود «٥»


(١) أخرجه الطبري (٥/ ٥٤٤) برقم: (١٤٨٦٠) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٢٦) بمثله، والبغوي (٢/ ١٨٠) ، وابن كثير (٢/ ٢٣١) ، والسيوطي (٣/ ١٩٠) ، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٥٤٤) برقم: (١٤٨٦١) ، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٢٦) .
(٣) أخرجه الطبري (٥/ ٥٤٤) برقم: (١٤٨٥٦) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٢٧) ، وابن كثير (٢/ ٢٣١) والسيوطي (٣/ ١٩٠) ، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم. [.....]
(٤) أخرجه الطبري (٥/ ٥٤٥) برقم: (١٤٨٦٢) .
(٥) روي البيت هكذا:
ألا ليت أيّام الصّفاء جديد ... وعهدا تولّى يا بثين يعود
وهو لجميل بثينة في «ديوانه» ص: (٦١) ، و «الأغاني» (٢/ ٣٥٠) ، و «أمالى القالي» (١/ ٢٧٢، ٢/-

<<  <  ج: ص:  >  >>