للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُحَلَّل، ثم المحرَّم الذي هو في الحقيقة صَفَرٌ «١» ، وفي هذا قال اللَّهُ عزَّ وجَلَّ: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً، أيْ: ليستْ ثلاثةَ عَشَرَ، ثم كانَتْ حِجَّةُ أبي بَكْرٍ في ذي القَعْدة حقيقةً، وهم يسمُّونه ذَا الحِجَّة، ثم حَجَّ رسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم سَنَةَ عَشْرٍ في ذي الحِجَّة حقيقةً، فذلك قوله عليه السلام: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ استدار كَهَيْئتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السموات وَالأَرْضِ السَّنَةُ اثنا عَشَرَ شَهْراً، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّة، والمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَان» «٢» .

وقوله في كِتابِ اللَّهِ، أَيْ: فيما كتبه، وأثبته في اللَّوْحِ المحفوظ، أو غيرِهِ، فهي صفةُ فِعْلٍ مثل خَلْقِهِ وَرِزْقِهِ، وليستْ بمعنى قضاءه وتقديره لأن تلكَ هي قَبْلَ خلْق السموات والأرض.

وقوله سبحانه: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: نصٌّ على تفضيلِ هذه الأربعة وتشريفها، قال قتادة: «اصطفى اللَّه مِنَ الملائكةِ والبَشَرِ رُسُلاً، ومِنَ الشَهور المُحَرَّمَ ورمَضَانَ، ومِنَ البُقَعِ المساجَدِ، ومِنَ الأيام الجمعةَ، ومِنَ الليالِي ليلةَ القَدْرِ، ومِنَ الكلام ذِكْرُهُ، فينبغي أَنْ يعظَّم ما عَظَّمُ اللَّه» «٣» .

وقوله سبحانه: ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، قالتْ فرقة: معناه: الحسابُ المُسْتَقيم، وقال ابن عباس، فيما حكى المَهْدَوِيُّ: معناه: القضاء المستقيم.


(١) ذكره ابن عطية (٣/ ٣٠) .
(٢) أخرجه البخاري (٦/ ٣٣٨) في بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين (٣١٩٧) ، و (٧/ ٧١١) في «المغازي» باب: حجة الوداع (٤٤٠٦) ، و (٨/ ١٧٥) في «التفسير» باب: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً (٤٦٦٢) ، و (١٠/ ١٠) في الأضاحي باب: من قال: الأضحى يوم النحر (٥٥٥٠) ، و (١٣/ ٤٣٣) في التوحيد، باب: قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، (٧٤٤٧) ، ومسلم (٣/ ١٣٠٥) ، في القسامة باب: تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال (٢٩/ ١٦٧٩) ، وأبو داود (١/ ٥٩٩) في: المناسك، باب: الأشهر الحرم (١٩٤٨) ، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن ابن أبي بكرة به.
وأخرجه أبو داود برقم: (١٩٤٧) ، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي بكرة به، بدون ذكر ابن أبي بكرة، وقال أبو داود: وسماه ابن عون فقال: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة في هذا الحديث.
ويشهد له حديث أبي هريرة عند البزار (١١٤٢) - «كشف الأستار» ، عن شعث بن سوّار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رفعه.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٢٧١) فيه أشعث بن سوار، وهو ضعيف، وقد وثق.
(٣) ذكره ابن عطية (٣/ ٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>