للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمايته ممَّا يحمُونَ منه أنفسهم، واشترط لربِّهِ التزام الشريعةِ، وقِتَالَ الأَحمَرِ والأَسْوَدِ في الدَّفْع عن الحَوْزَة، فقالوا: مَا لَنَا عَلَى ذَلِكَ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ فَقَالَ: الجَنَّةُ، فَقَالُوا: نَعَمْ، رَبحَ البَيْعُ، لاَ تَقِيلُ وَلاَ تُقَالُ، وفي بعض الرواياتِ: «وَلاَ نَسْتَقِيلُ» فنزلَتِ الآية في ذلك.

وهكذا نقله ابن العربيِّ في «أحكامه» «١» ، عن عبد اللَّه بن رَوَاحَة، ثم ذكر من طريق الشعبيِّ، عن أبي أمامة أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ نحو كلام ابنِ رَوَاحَةَ.

قال ابن العربيِّ «٢» : وهذا وإن كان سنده مقطوعاً، فإن معناه ثابتٌ مِنْ طرق. انتهى.

ثم الآية بَعْدَ ذلك عامَّة في كلِّ من جَاهَدَ في سبيلِ اللَّهِ مِنْ أمة نبيِّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم إلى يوم القيامة، قال بعضُ العلماء: مَا مِنْ مُسْلِم إلا وللَّه في عُنُقِهِ هذه البَيْعَةُ، وفى بِهَا أو لم يَفِ، وفي الحديث: «إِنَّ فَوْقَ كُلِّ بِرٍّ بِرًّا حَتَّى يَبْذُلَ العَبْدُ دَمَهُ، فَإِذَا فَعَلَ، فَلاَ بِرَّ فَوْقَ ذَلِكَ» . وأسند الطبريُّ عن كثير من أهْلِ العِلْم أنهم قالوا: ثَامَنَ اللَّه تَعَالَى في هذه الآية عِبَادَهُ، فَأَغْلَى لهم وقاله ابن عباس وغيره «٣» ، وهذا تأويلُ الجمهور.

وقال ابن عُيَيْنَة: معنى الآية: اشترى منهم أنفسهم ألاَّ يُعْمِلُوهَا إلا في طاعته، وأموالَهُمْ أَلاَّ يُنْفِقُوها إِلاَّ في سبيله، فالآية علَى هذا: أعمُّ من القَتْلِ في سبيل اللَّه.

وقوله: يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ على تأويل ابْنِ عُيَيْنة: مقطوعٌ، ومستأنفٌ، وأما على تأويل الجمهور مِنْ أَنَّ الشراء والبَيْع إِنما هو مع المجاهدين، فهو في موضع الحال.

وقوله سبحانه: وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ: قال المفسِّرون:

يظهر من قوله: فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ أن كلَّ أُمَّة أُمِرَتْ بالجهاد، ووُعِدَتْ عليه.

قال ع «٤» : ويحتملُ أَنَّ ميعاد أمّة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، تقدَّم ذكره في هذهِ الكُتُب، واللَّه أعلم.


والحديبية، وخيبر، وعمرة القضاء، والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا الفتح وما بعده، فإنه كان قد قتل قبله، وهو أحد الأمراء في غزوة مؤتة.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٣/ ٢٣٤) ، «الإصابة» (٤/ ٦٦) ، «الثقات» (٣/ ٢٢١) ، «تجريد أسماء الصحابة» (١/ ٣١٠) ، «الاستبصار» (٥٣، ٥٦) ، «الاستيعاب» (٣/ ٢٩٨) ، «بقي بن مخلد» (٨٨٥) ، «تقريب التهذيب» (١/ ٤١٥) ، «تهذيب التهذيب» (٥/ ٢١٢) ، «تهذيب الكمال» (٢/ ٦٨١) .
(١) ينظر: «أحكام القرآن» (٢/ ١٠١٨) .
(٢) ينظر: «أحكام القرآن» (٢/ ١٠١٩) .
(٣) أخرجه الطبري (٦/ ٤٨٢) برقم: (١٧٢٨١) نحوه، وذكره ابن عطية (٣/ ٨٧) . [.....]
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>