للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قوله: أزيْدٌ قام أمْ عمرو؟ ومذهَبُ سِيبَوَيْهِ: أنها بمنزلة «بَلْ» ثم عجَّزهم سبحانه بقوله:

قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ ... الآية: والتحدِّي في هذه الآية عند الجُمْهُور وقَعَ بجهتَي الإِعجاز اللَّتَيْنِ في القرآنِ:

إِحْداهما: النَّظْم والرَّصْف والإِيجازُ وَالجَزَالَة، كلُّ ذلك في التعريف.

والأُخرَى: المعاني مِنَ الغَيْبِ لِمَا مَضَى، ولما يُسْتَقْبَلُ.

وحين تحدَّاهم ب «عَشْرٍ مفترياتٍ» إِنما تحدَّاهم بالنَّظْم وحْده، ثم قال ع «١» :

هذا قول جماعة المتكلِّمين، ثم اختار أنَّ الإِعجاز في الآيتين إِنما وقع في النَّظْمِ لا في الإِخبارِ بالغُيُوبِ.

ت: والصوابُ ما تَقَدَّم للجمهور، وإليه رَجَعَ في «سورة هود» وأوجُهُ إِعجاز القرآن أَكْثَرُ من هذا وانظر «الشِّفَا» .

وقوله: مَنِ اسْتَطَعْتُمْ: إِحالةٌ على شركائهم.

وقوله سبحانه: بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ... الآية: المعنى: ليس الأمر كما قالوا مِنْ أنه مفترًى، بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ، أي:

تفسيره، وبيانُهُ، ويحتمل أنْ يريد بما لم يأتهم تأويله، أي: ما يؤول إليه أمره كما هو في قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ [الأعراف: ٥٣] وعَلَى هذا، فالآيةُ تتضمَّن وعيداً، والَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: مَنْ سلف من أمم الأنبياء.

وقوله سبحانه: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ ... الآية: أيْ: ومِنْ قريشٍ مَنْ يؤمن بهذا الرسُولِ، ولهذا الكلام معنيان:

قالتْ فرقة: معناه: مِنْ هؤلاء القومِ مَنْ سيؤمن في المستقبل، ومِنْهُم من حَتَمَ اللَّه عَلَيْهِ أنَّه لا يؤمن به أبداً.

وقالتْ فرقة: معناه: ومنهم مَنْ يؤمن بهذا الرسُولِ إِلاَّ أنَّه يَكْتُم إِيمانه حفظا لرياسته، أو خوفاً مِنْ قومه، كالفِتْية الذين قُتِلُوا مع الكُفَّار بِبَدْرٍ.

قال ع «٢» : وفائدة الآية على هذا التأويل: التفريقُ لكلمة الكُفَّار، وإِضعافُ


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٢٠) .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>