للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدُ تعمُّ كلَّ من قال نحو هذا القول كالنّصارى، وسُبْحانَهُ معناه: «تنزيهاً له، وبراءةً من ذلك» فسَّره بهذا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وقوله: إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا «إِنْ» نافيةٌ، والسلطانُ: الحُجَّة، وكذلك معناه حيث تكرَّر في القرآن، ثم وبَّخهم تعالى بقوله: أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.

وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ ... الآية: توعُّد لهم بأنهم لا يظفرون ببُغْيَة، ولا يَبْقَوْن في نعمة، إِذ هذه حالُ مَنْ يصير إِلى العذاب، وإن نعّم في دنياه يسيرا.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧٠ الى ٧٢]

مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢)

وقوله تعالى: مَتاعٌ مرفوعٌ على خبر ابتداء أي: ذلك متاعٌ.

قال ص: مَتاعٌ جوابُ سؤالٍ مقدَّر، كأنه قيل: كيف لا يُفْلِحون، وهُمْ في الدنيا مفلحون بأنواعِ التلذُّذات؟! فقيل: ذَلِكَ مَتَاعٌ، فهو خبر مبتدإٍ محذوف. انتهى، وهذا الذي قدَّره ص: يُفْهَمُ من كلام ع «١» .

وقول نوح عليه السلام: يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي ... الآية: المَقَامُ:

وقوف الرجل لكلامٍ أو خُطْبَةٍ أَو نحوه، والمُقَام- بضم الميم-: إِقامته ساكناً في موضعٍ أو بلدٍ، ولم يقرأ هنا بضَمِّ الميم فيما علمتُ، وتذكيره: وعظُه وزَجْره، وقوله: فَأَجْمِعُوا:

من أَجْمَعَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّيْءِ، إِذا عزم عليه ومنه الحديثُ: ما لم يجمعْ مكثاً، وأَمْرَكُمْ: يريد به: قُدْرَتكُم وحِيَلكُمْ، ونصب «الشركاء» بفعل مضمر كأنه قال: وادعوا شَركَاءَكُمْ فهو مِنْ باب: [الرجز]

عَلَفْتُهَا تِبْناً وَمَاءً بَارِدَا ... حَتَّى شتت همّالة عيناها «٢»


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٣١) .
(٢) ينظر: البيت بلا نسبة في «الأشباه والنظائر» (٢/ ١٠٨) ، (٧/ ٢٣٣) و «أمالي المرتضى» (٢/ ٢٥٩) ، و «الإنصاف» (٢/ ٦١٢) ، و «أوضح المسالك» (٢/ ٢٤٥) ، و «الخصائص» (٢/ ٤٣١) ، و «الدرر» (٦/ ٧٩) ، و «شرح الأشموني» (١/ ٢٢٦) ، و «شرح التصريح» (١/ ٣٤٦) ، و «شرح ديوان الحماسة للمرزوقي» ص: (١١٤٧) ، و «شرح شذور الذهب» ص: (٣١٢) ، و «شرح شواهد المغني» (١/ ٥٨) ، (٢/ ٩٢٩) ، [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>