للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلُّ ذلك مكروهٌ بالأحاديث «١» .

ت: وتعبيره بالكراهَةِ، لعلَّه يريد التحريمَ، وَيَوْمَ: ظَرفٌ، ومعناه: إِن اللعنة علَيْهم في الدُّنيا، وفي يوم القيامة، ثم ذكَر العلَّة الموجِبَةَ لذلك، وهي كُفْرهم بربهم، وباقي الآية بيّن.

وقوله عز وجل: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ... الآية: التقديرُ: وأرسلنا إلى ثمود وأَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ: أي: اخترعكم، وأوْجَدكم، وذلك باختراع آدم عليه السلام.

وقال ص: مِنَ الْأَرْضِ: لابتداءِ الغاية باعتبار الأصلِ المتولَّدِ منه النباتُ المتولَّدُ منه الغذاءُ المتولَّدُ منه المَنِيُّ ودَمُ الطَّمْثِ المتولَّدُ عنه الإِنسان. انتهى.

وقد نقل ع «٢» : في غير هذا الموضع نَحْوَ هذا، ثم أشار إِلى مرجوحيَّته، وأَنَّه داعٍ إِلى القول بالتولُّد، قال ابنُ العَرَبِيِّ في «أحكامه» «٣» : قوله تعالى: وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها:

أي: خَلَقَكم لعمارتها، ولا يصحُّ أنْ يقال: هو طَلَبٌ من اللَّه لعمارتها كما زعم بعضُ الشَّافعيَّة.

ت: والمفهومُ من الآية أنَّها سيقَتْ مساق الامتنان عليهم. انتهى. وقولهم:

يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا، قال جمهور المفسِّرين: معناه: مسوَّداً نؤمِّل فيك أنْ تكون سيِّداً سادًّا مسدَّ الأكابِرِ، وقولهم: وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ، معنى: مُرِيبٍ: ملبس متهم، وقوله: أَرَأَيْتُمْ: أي: أتدبرتم، فالرؤية قلبيّة، وآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً، يريد: النبوَّة وما انضاف إِليها.


(١) قد ورد في تحريم اللعن عدة أحاديث منها، قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من لعن مؤمنا فهو كقتله» .
أخرجه البخاري (١٠/ ٤٧٩) كتاب «الأدب» باب: ما ينهى من السباب واللعن، حديث (٦٠٤٧) .
ومنها حديث أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا ينبغي لصدّيق أن يكون لعانا» .
أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٠٥) كتاب «البر والصلة» باب: النهي عن لعن الدواب وغيرها، حديث (٨٤/ ٢٥٩٧) ، وأحمد (٢/ ٣٣٧) ، والبيهقي (١٠/ ١٩٣) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦/ ٣١٥- بتحقيقنا) .
ومنها أيضا حديث عبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس المؤمن بالطّعان ولا باللّعان ولا الفاحش ولا البذيء» .
أخرجه الترمذي (٤/ ٣٠٨) كتاب «البر والصلة» باب: ما جاء في اللعنة، حديث (١٩٧٧) ، وأحمد (١/ ٤٠٥) ، والبخاري في «الأدب المفرد» (١١٧) ، والحاكم (١/ ١٢) وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٨٣) .
(٣) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٠٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>