للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ: قال ابن عباس: معناه: الذي يُبْقِي اللَّه لكُمْ من أموالكم بَعْد توفيتكم/ الكَيْلَ والوَزْن خيرٌ لكم مما تستكثرونَ به على غير وجْهه «١» ، وهذا تفسيرٌ يليق بلفظ الآية، وقال مجاهد: معناه: طاعةُ اللَّه «٢» ، وهذا لا يعطيه لفْظُ الآية.

قال ص: وقرأ الحسنُ «٣» : «تَقِيَّةُ اللَّهِ» ، أي: تقواه.

قال ع «٤» : وإِنما المعنى عندي: إِبقاءُ الله عليكم إن أطعتم، وقولهم:

أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا: قالت فرقة: أرادوا الصلواتِ المعروفةَ، وروي أن شعيباً عليه السلام كان أكْثَرَ الأنبياءِ صلاةً، وقال الحسنُ: لم يَبْعَث اللَّهُ نبيًّا إِلا فرض عَلَيْه الصَّلاة والزَّكَاة «٥» ، وقيل: أرادوا: أدعواتُكَ، وذلك أنَّ من حَصَّل في رتبةٍ مِنْ خيرٍ أَو شَرٍّ، ففي الأكثر تَدْعُوه رتبته إِلى التزيُّد من ذلك النوْعِ، فمعنى هذا: لما كنْتَ مصلِّياً، تجاوزْتَ إِلى ذمِّ شرعنا وحالِنا، فكأن حاله من الصلاة جَسَّرته علَى ذلك، فقيل: أَمَرَتْه كما قال تعالَى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: ٤٥] .

قال ص، وع «٦» : أَوْ أَنْ نَفْعَلَ: معطوفٌ على مَا يَعْبُدُ، و «أو» للتنويعِ، انتهى. وظاهر حالِهِمُ الذي أشاروا إِليه هو بَخْسُ الكيل والوَزْنِ الذي تقدَّم ذكره، وروي أن الإِشارة إِلى قَرْضِهِمْ الدِّينار والدِّرْهم، وإِجراء ذلك مع الصَّحِيح على جهة التدْلِيسِ قاله محمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيِّ «٧» ، وتؤوّل أيضا بمعنى تبديل السّكك التي يقصد بها أكْلُ أموالِ الناس، قال ابنُ العربيِّ «٨» : قال ابن المسيَّب: قطع الدنانير والدَّرَاهم مِنَ الفساد في


(١) ذكره ابن عطية (٣/ ١٩٩) ، والبغوي في «تفسيره» (٢/ ٣٩٨) . [.....]
(٢) أخرجه الطبري (٧/ ٩٩) برقم: (١٨٤٩١، ١٨٤٩٦) ، وذكره ابن عطية (٣/ ١٩٩) ، والبغوي (٢/ ٨٦١) بنحوه، وابن كثير (٢/ ٤٥٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٦٢٦) ، وعزاه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٣) ينظر: «البحر المحيط» (٥/ ٢٥٣) .
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٩٩) .
(٥) ذكره ابن عطية (٣/ ٢٠٠) .
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٠٠) .
(٧) أخرجه الطبري (٧/ ١٠٠) برقم: (١٨٥٠٢- ١٨٥٠٣) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢٠١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٦٢٧) ، وعزاه إلى ابن المنذر.
(٨) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٠٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>