للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ... الآية: الرُّكُون: السُّكون إِلى الشيْء، والرضا به، قال أبو العالية: الركُونُ: الرِّضَا. قال ابنُ زَيْد: الرُّكُون: الادهان «١» .

قال ع «٢» : فالركون يقع على قليلِ هذا المعنَى وكثيرِهِ، والنهْيُ هنا يترتَّب من معنى الركُونِ على المَيْلِ إِلَيهم بالشِّرْك معهم إِلى أقلِّ الرُّتَبِ مِنْ ترك التّغيير عليهم مع القدرة، والَّذِينَ ظَلَمُوا هنا: هم الكَفَرَة، ويدخُلُ بالمعنى أَهْلُ المعاصي.

وقوله سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ... الآية: لا خلاف أنَّ الصَّلاةَ في هذه الآية يرادُ بها الصلواتُ المفروضةُ، واختلفَ في طرفَيِ النَّهار وزُلَفِ اللَّيْل، فقيل:

الطَّرَف الأوَّل: الصُّبْح، والثَّاني: الظُّهْر والعَصْر، والزُّلَف: المغرب والعشاء قاله مجاهد وغيره «٣» ، وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أَنَّهُ قَالَ فِي المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ: «هُمَا زُلْفَتَا اللَّيْلِ» «٤» وقيل:

الطَرَفُ الأوَّل: الصبحُ، والثاني: العصر قاله الحسن وقتادة «٥» ، والزُّلَف: المغرب والعشاء، وليست الظهر في هذه الآية على هذا القول، بل هي في غيرها.

قال ع «٦» : والأول أحسن الأقوالِ عِنْدِي، ورجَّح الطبريُّ «٧» القوْلَ بأن الطرفين الصُّبْح والمغرب، وهو قول ابن عبَّاس وغيره، وإِنه لظاهر، إِلا أن عموم الصلوات الخمْسِ بالآية أَولَى، والزّلَف: الساعاتُ القريبُ بعضُها من بَعْضٍ.

وقوله تعالى: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، ذهب جمهورُ المتأوِّلين من صَحَابَةٍ وتابعينَ إِلى أن الحسناتِ يرادُ بها الصَلواتُ الخَمْسُ، وإِلى هذه الآية ذهَبَ عثْمانُ رضي اللَّه عنه في وضوئه على المَقَاعِدِ، وهو تأويلُ مالك، وقال مجاهد: الْحَسَناتِ:


(١) أخرجه الطبري (٧/ ١٢٤) برقم: (١٨٦٢٠) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢١٢) .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢١٢) .
(٣) أخرجه الطبري (٧/ ١٢٤) برقم: (١٨٦٢١- ١٨٦٢٢- ١٨٦٢٣) ، عن مجاهد برقم: (١٨٦٢٤) ، عن محمد بن كعب القرظي، وبرقم: (١٨٦٢٦) ، عن الضحاك، وذكر طرفا منه، وأخرج طرفه الآخر (٧/ ١٢٧) برقم: (١٨٦٤٩- ١٨٦٥٠- ١٨٦٥١) ، عن مجاهد وبرقم: (١٨٦٤٦- ١٨٦٤٧- ١٨٦٤٨) ، عن الحسن، وذكره ابن عطية (٣/ ٢١٢) ، والبغوي (٢/ ٤٠٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٦٣٧) .
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧/ ١٢٨) برقم: (١٨٦٥٢) عن الحسن مرسلا، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٦٣٧) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٥) أخرجه الطبري (٧/ ١٢٥) برقم: (١٨٦٣٢- ١٨٦٣٣- ١٨٦٣٤- ١٨٦٣٥) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢١٢) ، والبغوي في «تفسيره» (٢/ ٤٠٤- ٤٠٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٦٣٧) بنحوه.
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢١٢) .
(٧) ينظر: «تفسير الطبري» (٧/ ١٢٤- ١٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>