للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية تقتضِي أنهم علموا هُمْ منه بعلمه ذلك، وقرأ أبو عامر «١» وابنُ عمرو: «نَرْتَعْ ونَلْعَبْ» - بالنون فيهما وإِسكانِ العينِ والباءِ-، و «نَرْتَع» على هذا: من الرُّتُوعِ، وهي الإِقامة في الخِصْب والمَرعَى في أكْلٍ وشربٍ، وقرأ ابن كثير: «نَرْتَعِ ونَلْعَبْ» - بالنونِ فيهما وكَسْرِ العين وإسكان الباء-، وقد رُوِيَ عنه «ويَلْعَبْ» - بالياء- و «نَرْتَعَ» على هذا: من رِعَاية الإِبَل. وقال مجاهد: من المُرَاعاة، أي: يرعَى بعضُنا بعضاً، ويحرسُه «٢» ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: «يرتَع وَيَلْعَبْ» بإِسناد ذلك كلِّه إِلى يوسف، وقرأ نافع «يَرْتَعِ وَيَلْعَبْ» ، ف «يَرْتَعِ» على هذا: من رعاية الإِبل، قال أبو علي: وقراءة ابنِ كثيرٍ «نَرْتَعَ» - بالنون- و «يَلْعَبْ» - بالياء-: منزعها حَسَنٌ لإِسناد النظر في المال، والرعايةِ إِليهم، واللعب إِلى يوسف لصباه، ولعبُهُمْ هذا داخلٌ في اللعبِ المباحِ والمندوبِ كاللعب بالخيلِ والرمْي وعلَّلوا طلبه والخروجَ به بما يمكنُ أنْ يَستَهوِيَ يوسُفَ لصبَاه مِنَ الرتوعِ واللعِبِ والنَّشَاطِ، وإِنما خافَ يعقُوبُ عليه السلام الذئبَ دون سواه، وخصَّصه لأنه كَانَ الحيوانَ العادي المنبثّ في القطر، ولصغر يوسف، وأَجْمَعُوا: معناه: عَزَموا.

وقوله سبحانه: وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ يحتمل أن يكون الوحْيُ إِلى يوسُفُ حينئذٍ برسولٍ، ويحتملُ أنْ يكون بإِلهامٍ أو بنومٍ، وكلُّ ذلك قد قيل، وقرأ الجمهور «٣» : «لَتُنَبِّئَنَّهُمُ» بالتاء من فوق.

وقوله: وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ: قال ابن جُرَيْج: معناه: لا يشعُرُونَ وقْتَ التنبئةِ أنَّكَ يوسف «٤» ، وقال قتادة: لا يشعرُونَ بوَحْينا إليك «٥» .


(١) الصواب فيهما أبو عمرو، وابن عامر، ولعله سبق قلم من المصنف أو الناسخ.
وقد قرأ بقراءتهما ابن كثير، وحجتهم هي قولهم بعد: إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ، فكأنهم أسندوا جميع ذلك إلى جماعتهم إذا أسندوا الاستباق، فقيل لأبي عمرو: فكيف يلعبون وهم أنبياء الله؟ فقال: إذ ذاك لم يكونوا أنبياء الله.
ينظر: «السبعة» (٣٤٥- ٣٤٦) ، و «الحجة» (٤/ ٤٠٢- ٤٠٣) ، و «إعراب القراءات» (١/ ٣٠٣) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٣٧٧- ٣٧٨) ، و «العنوان» (١١٠) ، و «إتحاف» (٢/ ١٤١) .
(٢) أخرجه الطبري (٧/ ١٥٦) برقم: (١٨٨٣٨) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢٤٤) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٢٥) ، و «البحر المحيط» (٥/ ٢٢٨) ، و «الدر المصون» (٤/ ١٦٢) .
(٤) أخرجه الطبري (٧/ ١٥٩) برقم: (١٨٨٥٠) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢٢٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١٥) .
(٥) أخرجه الطبري (٧/ ١٥٨) برقم: (١٨٨٤٨) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٢٢٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٤٧١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١٤) ، وعزاه إلى عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>