للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدٍ، وربما كان من أخْلاَط النباتِ، والمعنى: أنَّ هذا الذي رأَيْتَ أيها الملكُ اختلاط من الأحلامِ بسَبَبِ النوم، ولسنا من أهْلِ العلم بما هو مختلط ورديء، والْأَحْلامِ: جمع حُلْم، وهو ما يخيَّل إِلى الإِنسان في منامه، والأحلام والرؤيا ممَّا أثبتَتْه الشريعةُ، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَهِيَ مِنَ المُبَشِّرَةِ وَالحُلْمُ المُحْزِنُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ/ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا رَأَيْتُ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ» «١» . وما كان عن حديث النفْسِ في اليقظة، فإِنه لا يلتفت إِليه، ولما سمع الساقي الذي نجا هذه المقالَةَ من المَلِكِ، ومُرَاجَعَةَ أصحابه، تذكَّر يوسُف، وعلْمَهُ بالتأويل، فقال مقالَتَه في هذه الآية، وَادَّكَرَ: أصله: «اذتكر» من الذِّكْرِ، فقلبتِ التاء دالاً، وأدغم الأول في الثاني، وقرأ جمهور الناس «٢» : «بَعْدَ أُمَّةٍ» ، وهي المدَّة من الدهر، وقرأ ابن عباس «٣» وجماعة: «بَعْدَ أَمَةٍ» ، وهو النسيانُ، وقرأ مجاهد «٤» وشبل: «بَعْدَ أَمْةٍ» - بسكون الميم-، وهو مصْدَرٌ من «أَمِهَ» إِذا نَسِيَ، وبقوله: ادَّكَرَ يقوِّي قول من قال: إِن الضمير في «أنساه» عائدٌ على الساقي، والأمر محتمل، وقرأ الجمهور «٥» : «أنا أنبّئكم» ، وقرأ


(١) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢/ ٩٥٧) كتاب «الرؤيا» باب: ما جاء في الرؤيا، حديث (٢) ، والبخاري (٦/ ٣٣٨) كتاب «بدء الخلق» (باب: صفة إبليس وجنوده، حديث (٣٢٩٢) ، ومسلم (٤/ ١٧٧٢) ، كتاب «الرؤيا» ، حديث (٢/ ٢٢٦١) ، وأبو داود (٢/ ٧٢٤) كتاب «الأدب» باب: ما جاء في الرؤيا، حديث (٥٠٢١) ، والترمذي (٤/ ٥٣٥- ٥٣٦) كتاب «الرؤيا» باب: إذا رأى في المنام ما يكره ما يصنع، حديث (٢٢٧٧) ، وابن ماجه (٢/ ١٢٨٦) كتاب «تعبير الرؤيا» باب: من رأى رؤيا يكرهها، حديث (٣٩٠٩) ، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (٨٩٧، ٩٠٠- ٩٠١) ، وأحمد (٥/ ٣١٠) ، وابن أبي شيبة (١١/ ٧٠) ، والدارمي (٢/ ١٢٤) ، وابن حبان (١٣/ ٤٢٣- ٤٢٤) برقم: (٦٠٥٩) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦/ ٢٩٤- بتحقيقنا) ، كلهم من طريق يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي قتادة به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٤٩) . [.....]
(٣) وقرأ بها ابن عمر، وعكرمة، ومجاهد، والضحاك، وأبو رجاء، وقتادة، وشبيل بن عزرة الضّبعي، وربيعة بن عمرو، وزيد بن علي.
ينظر: «الشواذ» (٦٨) ، و «المحتسب» (٣٤٤٨) ، و «البحر المحيط» (٥/ ٣١٣) ، و «الدر المصون» (٤/ ١٨٨) .
(٤) قال الزمخشري: ومن قرأ بسكون الميم فقد خطىء. (يعني: أثم) وقال مثله أبو عبيد كما في «اللسان» (أمه) .
ينظر: «الكشاف» (٢/ ٤٧٦) ، و «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٤٩) ، و «البحر المحيط» (٥/ ٣١٣) ، و «الدر المصون» (٤/ ١٨٨) .
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>