للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٢٧ الى ٣٠]

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ (٢٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)

وقوله سبحانه: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ:

بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا: كلمةُ الإِخلاصِ والنجاةِ من النَّار: «لا إله إِلا اللَّه» ، والإِقرارُ بالنبوَّة، وهذه الآية تعمُّ العالَمَ مِنْ لدنْ آدم عليه السلام إِلى يوم القيامةِ. قال طَاوُسٌ، وقتادة، وجمهور من العلماء: الْحَياةِ الدُّنْيا هي مدَّة حياةِ الإِنسان، وَفِي الْآخِرَةِ وَقْتُ سؤاله في قَبْرِهِ «١» ، وقال البَرَاء بنَ عَازِبٍ وجماعة: فِي الْحَياةِ الدُّنْيا: هي وقتُ سؤاله في قبره، ورواه البراء عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في لفظ متأوَّلٍ، وفي الآخرة: هو يوم القيامة عندَ العَرْض، والأولُ أحسن، ورجَّحه الطبريُّ.

ت «٢» : ولفظ البخاريِّ عن البراءِ بْنِ عازِبٍ/ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي القَبْرِ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إله إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ» . انتهى، وحديثُ البَرَاءِ خَرَّجه البخاريُّ ومسلم وأبو داود والنسائيُّ وابنُ ماجه «٣» ، قال صاحب «التذكرة» «٤» : وقد رَوَى هذا الحديثَ أبو هريرة وابن مسعود وابنُ عباس وأبو سَعِيدٍ الخدريُّ قال أبو سعيد


(١) أخرجه الطبري (٧/ ٤٥١) برقم: (٢٠٧٧٦) بنحوه، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٣٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥٣٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (٧/ ٤٤٩) برقم: (٢٠٧٦٣) بنحوه، وذكره البغوي (٣/ ٣٤) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٣٣٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٥٣٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١٤٨) ، وعزاه لابن أبي شيبة.
(٣) أخرجه البخاري (٣/ ٢٧٤) كتاب «الجنائز» باب: ما جاء في عذاب القبر، حديث (١٣٦٩) ، وفي (٨/ ٢٢٩) كتاب «التفسير» باب: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ، حديث (٤٦٩٩) ، ومسلم (٤/ ٢٢٠١) كتاب «الجنة» باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، حديث (٧٣/ ٢٨٧١) ، وأبو داود (٢/ ٦٥١) كتاب «السنة» باب: في المسألة في القبر وعذاب القبر، حديث (٤٧٥٠) ، والترمذي (٥/ ٢٩٥- ٢٩٦) ، كتاب «التفسير» باب: ومن سورة إبراهيم، حديث (٣١٢٠) ، والنسائي (٤/ ١٠١) كتاب «الجنائز» باب: عذاب القبر، حديث (٢٠٥٧) ، وابن ماجه (٢/ ١٤٢٧) كتاب «الزهد» باب: ذكر القبر والبلى برقم: (٤٢٦٩) ، والطيالسي (٢/ ٢٠- منحة) برقم: (١٩٥٩) . كلهم من طريق سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب به، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ١٤٦) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
(٤) ينظر: «التذكرة» للقرطبي (١/ ١٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>