للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، وقيلَ: هو على حذف مضاف، أي وعد عقاب أولاهما. انتهى، وهو معنى ما تقدَّم واختلف الناس في العبيد المبعوثِينَ، وفي صورة الحال اختلافا شديداً متباعِداً، عيونُهُ أنَّ بني إِسرائيل عَصَوْا وقتلوا زكريَّاء عليه السلام، فغزاهُمْ سِنْجارِيبُ مَلِك بابل، قاله ابن إسحاق وابن جَبْير «١» .

وقال ابن عباس: غزاهُمْ جالوتُ من أهْل الجزيرة «٢» ، وقيل: غزاهم بُخْتَ نَصَّرَ، وروي أنه دخل قَبْلُ في جيش من الفرس، وهو خامل يسير في مَطْبَخ الملك، فاطلع مِنْ جور بني إِسرائيل على ما لم تعلمه الفُرْسُ، فَلمَّا انصرف الجيشُ، ذكر ذلك للملك الأعظَمِ، فلما كان بعد مدَّة، جعله الملك رئيسَ جيشٍ، وبعثه فخرَّب بيت المقدس، وقتلهم، وأجلاهم، ثم انصرَفَ، فوجد المَلِكَ قد ماتَ، فمَلَكَ موضعه، واستمرت حاله حتى ملك الأرْضَ بعد ذلك، وقالت فرقة: إنما غزاهم بُخْتَ نَصَّرَ في المرَّة الأخيرة حين عَصَوْا وقتلوا يحيى بن زَكَرِيَّاءَ، وصورة قتله: أن الملك أراد أنْ يتزوج بِنْتَ امرأته، فنهاه يحيى عَنْها، فعزَّ ذلك على امرأته، فزَّينت بنْتَها، وجعَلَتها تسقي المَلِك الخمر، وقالت لها:

إِذا راوَدَكَ عن نفسك، فتمنَّعي حَتَّى يعطيَكِ المَلِكُ ما تَتَمَنَّيْنَ، فإِذا قال لك: تَمنِّي عَلَيَّ ما أردتِّ، فقولي: رأسَ يحيى بن زكرياء، ففعلَتِ الجارية ذلك، فردَّها الملك مرَّتَيْنِ، وأجابها في الثالثة، فجيء بالرأْسِ في طَسْتٍ، ولسانُهُ يتكلَّم، وهو يقول: لا تحلُّ لك، وجرى دمُ يحيى، فلم ينقطعْ، فجعل الملك عليه التُرابَ، حتى ساوى سور المدينةِ، والدمُ ينبعث، فلما غزاهم المَلِكُ الذي بُعِثَ عليهم بحسب الخِلاَفِ الذي فيه، قَتَلَ منهم على الدمِ سبعين ألْفاً حتى سكَنَ، هذا مقتضى خبرهم، وفي بعض الروايات زيادة ونقصٌ، وقرأ الناس:

«فَجَاسُوا» ، وقرأ أبو السَّمَّال «٣» : بالحاء، وهما بمعنى الغلبةِ والدخولِ قهراً، وقال مُؤَرِّجٌ:

جاسوا خلال الأزقّة.

ت قال ص: فَجاسُوا مضارعه يجوس، ومصدره جوس وجوسان،


(١) أخرجه الطبري (٨/ ٢٧) برقم: (٢٢٠٦٨) ، وذكره البغوي (٣/ ١٠٦) ، وابن عطية (٣/ ٤٣٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٢٥) .
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ٢٢٧) برقم: (٢٢٠٦٥) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٣٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٢٥) .
(٣) ينظر: «المحتسب» (٢/ ١٥) ، وقرأ بها طلحة كما في «الكشاف» (٢/ ٦٤٩) ، وينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٣٩) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٩) ، و «الدر المصون» (٤/ ٣٧٢) ، ووقع في «مختصر الشواذ» ص:
(٧٨) ، نسبتها إلى أبي السمال بالحاء والشين «فحاشوا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>