للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توقيفٌ على آلاء اللَّه وفَضْلِهِ ورحمته بعباده، والضُّرُّ، هنا لفظ يعمُّ الغرق وغيره، وأهوال حالات البحر واضطرابه وتموجه، وضَلَّ معناه تلف وفُقِدَ.

وقوله: أَعْرَضْتُمْ، أي: فلم تفكِّروا في جميل صنع اللَّه بكم.

وقوله: كَفُوراً أي: بالنعم والْإِنْسانُ هنا: الجنس، «والحاصب» : العارض الرامي بالبَرَدِ والحجارةِ ومنه الحاصب الذي أصَابَ قوْمَ لوطٍ، «والحَصْبُ» الرمْيُ بالحَصْبَاء، «والقاصف» : الذي يَكْسِر كلَّ ما يلقى ويقصفه، و «تارة» معناه: مرَّة أخرى، «والتبيع» الذي يطلب ثأْراً أو دينا ومن هذه اللفظة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ على مَلِيٍّ فَلْيُتْبِعْ» فالمعنى: لا تجدون مَنْ يَتَتَبَّع فعلنا بكم، ويطلب نصرتكم وهذه الآيات أنوارها واضحة للمهتدين.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٠ الى ٧٣]

وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢) وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣)

وقوله جلَّت عظمته وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ ... الآية: عدَّد اللَّه سبحانه على بني آدم ما خصَّهم به من المزايا مِنْ بين سائر الحيوان، ومن أفضل ما أكْرَم به الآدِميَّ/ العقْلُ الذي به يعرفُ اللَّه تعالى، ويفهم كلامه، ويوصِّل إِلى نعيمه.

وقوله سبحانه: عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا المراد ب «الكثير المفضولِ» الحيوانُ والجنُّ، وأما الملائكة، فهم الخارجون عن الكثير المفضول، وليس في الآية ما يقتضي أن الملائكة أفضَلُ من الإِنسِ كما زعمت فرقة بل الأمر محتملٌ أنْ يكونوا أفضَلَ من الإِنس، ويحتمل التساوي.

وقوله سبحانه: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ يحتمل أن يريد باسْمِ إِمامهم، فيقول: يا أمة محمَّد، ويا أتباع فِرْعَوْنَ، ونحو هذا، ويحتمل أن يريد: مع إِمامهم أنْ تجيء كل أمَّة معها إِمامها من هادٍ ومضلٍّ، واختلف في «الإمام» ، فقال ابن عباس والحسن:

كتابهم الذي فيه أعمالهم «١» ، وقال قتادة ومجاهد: نبيهم «٢» ، وقال ابن زيد: كتابهم الذي


(١) أخرجه الطبري (٨/ ١١٦) برقم: (٢٢٥٢١) ، وبرقم: (٢٢٥٢٣) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥١) ، وعزاه لابن جرير.
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ١١٥) برقم: (٢٢٥١٥) ، وبرقم: (٢٢٥١٩) ، وذكره البغوي (٣/ ١٢٥) ،

<<  <  ج: ص:  >  >>