للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزَلَ عليهم «١» ، وقالت فرقة: متَّبَعُهُمْ مِنْ هادٍ أو مُضِلٍّ، ولفظة «الإِمام» تعمُّ هذا كلَّه.

وقوله سبحانه: فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ: حقيقةٌ في أن في القيامة صحائفَ تتطاير، وتوضعُ في الأيْمَان لأهل الأَيْمانَ، وفي الشمائل لأهل الكُفْر والخذلان، وتوضع في أيمان المذْنِبِين الذين يَنْفُذُ عليهم الوعيد، فيستفيدون منها أنهم غَيْرُ مخلّدين في النار.

وقوله سبحانه: يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ: عبارةٌ عن السرور بها، أي: يردِّدونها ويتأمَّلونها.

وقوله سبحانه: وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا أي: ولا أقلَّ، وقوله سبحانه: وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى: قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد: الإِشارة ب هذِهِ إلى الدنيا، أي:

مَنْ كان في هذه الدارِ أعمى عن النظرِ في آيات اللَّه وعِبَرِه، والإِيمان بأنبيائه «٢» ، فهو في الآخرة أعمى على معنى أنه حيرانُ لا يتوجَّه لصوابٍ ولا يلوحُ له نُجْحٌ. قال مجاهد: فهو في الآخرةِ أعمى عن حُجَّته «٣» ، ويحتمل أنْ يكون صفةَ تفضيلٍ، أي: أشدُّ عمًى وحيرةً لأنه قد باشر الخَيْبة ورأى مخايل العذاب ويقوِّي هذا التَّأويل قوله، عطفاً عليه: وَأَضَلُّ سَبِيلًا الذي هو «أَفْعَلُ مِنْ كَذَا» والعمى في هذه الآية هو عَمَى القلب، وقولُ سِيَبَوَيْه: لا يقال أعمى مِنْ كَذَا، إِنما هو في عمى العينِ الذي لا تفاضُلَ فيه، وأما في عمى القْلبِ، فيقال ذلك لأنه يقع فيه التفاضل ت: وكذا قال ص وقوله سبحانه: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ ... الآية: الضمير في قوله: كادُوا هو لقريشٍ، وقيل: لثقيفٍ، فأما لقريش، فقال ابن جبير ومجاهد: نزلَتِ الآية، لأنهم قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لاَ نَدَعُكَ تستلمُ الحَجَرَ الأسْوَدَ حتى تَمَسَّ أيضاً أوثانَنَا على معنى التشرُّع «٤» ، وقال ابن إسحاق وغيره: إِنهم اجتمعوا إليه ليلةً، فعظَّموه، وقالوا له: أنْتَ سيِّدنا، ولكنْ أَقْبِلْ على بعض أمْرنا، ونُقْبِلُ على بعض أمرك، فنزلَتِ الآية في ذلك «٥» .


وابن عطية (٣/ ٤٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥١) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(١) أخرجه الطبري (٨/ ١١٦) برقم: (٢٢٥٢٦) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢) .
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ١١٧) برقم: (٢٢٥٣٠) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥٢) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري (٨/ ١١٨) برقم: (٢٢٥٣٥) ، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٤) .
(٤) أخرجه الطبري (٨/ ١١٨) برقم: (٢٢٥٣٦) ، وذكره البغوي (٣/ ١٢٦) ، وابن عطية (٣/ ٤٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥٢) ، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(٥) ذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>