للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علوًّا، ويحتمل أن يريد السماء المعروفَة، وهو أظهر.

ت: وذكر ع «١» هنا كلماتٍ الواجبُ طرحها، ولهذا أعرضت عنها، وتَرْقى معناه تصعد، ويروى أن قائل هذه المقالة هو عبدُ اللَّهِ بْنُ أبي أميَّةِ، ويروى أن جماعتهم طلبَتْ هذه النْحوَ منه، فأمره عزَّ وجلَّ أن يقول: سُبْحانَ رَبِّي، أي: تنزيهاً له من الإِتيان إِليكم مع الملائكةِ قبيلاً، ومن اقتراحِي أنا عليه هذه الأشياءَ، وهل أنا إِلا بشر، إِنما عليَّ البلاغ المبين فقطْ.

وقوله: مُطْمَئِنِّينَ، أي: وادعين فيها مقيمين.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٦ الى ٩٨]

قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨)

وقوله سبحانه: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ روي أن من تقدَّم الآن ذكرهم من قريش، قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم في آخر قولهم: فَلْتَجِىءْ مَعَكَ بطائفةٍ من الملائكة تَشْهَدُ لك بِصِدْقك في نبوَّتك، وروي أنهم قالوا: فمن يشهدُ لك؟ ففي ذلك نزلَتِ الآية، أي: اللَّه يشهد بيني وبينكم، ثم أخبر سبحانه أنه يحشرهم على الوُجُوه حقيقةً، وفي هذا المعنى حديثٌ، «قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَمْشِي الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟ قال: أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ في الدُّنْيَا عَلَى رِجْلَيْنِ قَادِراً عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ/ في الآخِرَةِ عَلَى وَجهِهِ «٢» ؟» قال قتادة: بَلَى، وَعِزَّةِ رَبِّنا «٣» .

ت: وهذا الحديثُ قد خرَّجه الترمذيُّ من طريق أبي هريرة، قال: قال رسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَة عَلَى ثَلاَثَةِ أَصْنَافٍ: ركبانا، ومشاة، وعلى


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٨٥) .
(٢) أخرجه البخاري (٨/ ٣٥٠) كتاب «التفسير» باب: الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ، حديث (٤٧٦٠) ، ومسلم (٤/ ٢١٦١) كتاب «صفات المنافقين» باب: يحشر الكافر على وجهه، حديث (٢٨٠٦) ، والطبري (١٩/ ١٢) ، وأبو يعلى (٥/ ٣٨٥- ٣٨٦) برقم (٣٠٤٦) ، وأحمد (٣/ ٢٢٩) ، وابن حبان (٧٣٢٣) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٢/ ٣٤٣) من حديث أنس، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٦٨) ، وزاد نسبته إلى أبي نعيم في «المعرفة» ، وابن مردويه، والبيهقي في «الأسماء والصفات» .
(٣) ذكره ابن عطية (٣/ ٤٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>