للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس: المراد ب «مَنْ» جِبْرِيلُ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها «١» .

والقول الأولُ أَظهر وأبْيَنُ، وبه يتبيّن عُذْر مريم، ولا تبقى بها استرابة.

وقرأ نافعٌ، وحمزةُ، والكِسَائِيُّ، وحَفْصٌ عن عَاصِمٍ: «مِنْ تَحْتِهَا» بكسر الميم، واختلفوا أَيضاً فقالت فرقةٌ: المرادُ عيسى، وقالت فِرْقَةٌ: المراد جِبْرِيلُ المحاور لها قَبْلُ.

قالوا: وكان في بُقْعة أَخفضَ من البُقْعة الَّتي كانت هي عليها والأَول أَظهَرُ.

وقرأ ابنُ عباس «٢» : «فَنَادَاهَا مَلَكٌ مِن تَحْتِهَا» .

والسَّرِيُّ: من الرجال العظيمُ السيّد، والسري: أَيضاً الجدولُ مِنَ الماء وبحسَبِ هذا اختلف النّاسُ في هذه الآية.

فقال قتادةُ، وابنُ زيدٍ: أَراد جعل تحتك عَظِيماً من الرجال، له شأنٌ «٣» .

وقال الجمهورُ: أَشار لها إلى الجَدْول، ثم أَمرها بهز الجِذْع اليابِس لترى آيَةً أُخْرى.

وقالت فرقةٌ: بل كانت النخْلة مطعمة رطباً، وقال السُّدِّيُّ: كان الجِذْع مقطوعاً، وأجري تحتها النهر لحينه «٤» .

قال ع «٥» : والظاهر من الآية: أَن عيسى هو المكلِّم لها، وأَن الجِذْع كان يَابِساً فهي آيات تسليها، وتسكن إليها.

قال ص: قوله: وَهُزِّي إِلَيْكِ تقرر في عِلْم النحو أَن الفِعْل لا يتعدَّى إلى ضمير مُتّصلٍ، وقد رفع المتصل، وهما لمدلول واحد، وإذا «٦» تقرر هذا ف «إِليك» لا يتعلق ب «هُزِّي» ، ولكن يمكن أَن يكون «إلَيْك» حالاً من جِذْع النخلة فيتعلَّق بمحذْوفٍ أَيْ: هزي بجذْع النخلة مُنْتهياً إليك. انتهى.


(١) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٢٧) برقم (٢٣٦٢٥) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١١) ، والبغوي (٣/ ١٩٢) ، وابن كثير (٣/ ١١٧) ، والسيوطي (٤/ ٤٨٢) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١١) ، و «البحر المحيط» (٦/ ١٧٣) .
(٣) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٣٠) عن قتادة برقم (٢٣٦٥٦) ، وابن زيد برقم (٢٣٦٥٧) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١١) ، وابن كثير (٣/ ١١٧) .
(٤) أخرجه الطبريّ (٤/ ٣٣٠) برقم (٢٣٦٦٢) ، وابن عطية (٤/ ١١) .
(٥) ينظر «المحرر الوجيز» (٤/ ١١- ١٢) .
(٦) في ج: تقدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>