للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأت «١» فرقةٌ: «نَهْدِ» بالنون، والمراد بالقرونِ المهلَكِين: عَادٌ، وثَمُودٌ، والطَّوائِفُ التي كانت قريشٌ تجوزُ على بلادهم في المرور إلى الشام وغيره، ثم أعلم سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلّم أن العذابَ كان يصير لهم لِزَاماً لولا كلمة سبقَتْ من الله تعالى في تَأْخيره عنهم إلى أجلٍ مُسَمًّى عنده، فتقدير الكلام. ولولاَ كلمةٌ سبقت في التَّأْخِير، وأجلٍ مسمى، لكَانَ العذابُ لِزَاماً كما تقولُ لَكَانَ حَتْماً، أو واقعاً، لكنّه قدم وأَخّر لتشابه رُؤُوس الآي.

واختُلِف في الأجل المسمى: هل هو يوم القيامة، أو موت كل واحد منهم، أو يوم بدْرٍ؟ وفي «صحيح البخاري» : «٢» أن يوم بَدْرٍ هو: اللزام، وهو: البَطْشَةُ الكبرى، يعني:

وقع في البخاري من تفسير ابن مسعود، وليس هو من تفسير النبي صلى الله عليه وسلّم.

قال ص: ولِزاماً: إمَّا مصدرٌ، وإمَّا بمعنى ملزم، وأجاز أبو البقاء: أنْ يكون جمع لاَزِم، كَقَائِمٍ وقيام. انتهى.

ثم أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلّم بالصّبْر على أقوالهم: إنه ساحرٌ، إنه كاهن، إنه كاذب «٣» إلَى غير ذلك.

وقوله سبحانه: / وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ... الآية، قال أكثرُ المفسرين: هذه إشارة ١٤ ب إلى الصلوات الخمس فقبل طلوع الشمس صلاةُ الصبح، وقبل غُرُوْبَها صَلاةُ العَصْر، ومن آناءِ الليل العِشَاءُ، وأطرافُ النهار المغرِبُ والظهر.

[قال ابن العربي «٤» : والصحيحُ أنَّ المغربَ من طَرَفِ الليل، لاَ مِنْ طرف النَّهَارِ.

انتهى من «الأحكام» ] «٥» .

وقالت فرقةٌ: آناء الليل: المغرب والعشاء، وأطراف النهار: الظهر وحدها، ويحتمل اللفظ أن يراد به قول: سبحان الله وبحمده.


(١) وهي قراءة ابن عباس والسلمي.
كما في «الجامع لأحكام القرآن» (١١/ ١٧٢) .
ينظر: «الكشاف» (٣/ ٩٦) ، و «المحرر الوجيز» (٤/ ٦٩) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٢٦٧) ، و «الدر المصون» (٥/ ٦٣) .
(٢) ينظر «صحيح البخاري» (٨/ ٣٥٥) كتاب التفسير: باب فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً رقم (٤٧٦٧) .
(٣) في ج: كذاب.
(٤) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٢٦٣) .
(٥) سقط في ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>