للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عَقْلِهِ، والصَّبِيُّ الصَّغيرُ. فيقُولُ المَغْلُوبُ على عَقْلِهِ: رَبِّ، لَمْ تَجْعَلْ لِيَ عَقْلاً، ويَقَولُ الصَّبِيُّ نَحْوَهُ، ويَقُولُ الهَالِكُ فِي الفَتْرَةِ. رَبِّ، لَمْ يُرْسِلْ إِلَيَّ رَسَولاً، وَلَوْ جَاءَنِي، لَكُنْتُ أَطْوَعَ خَلْقِكَ لَكَ، قَالَ: فَتَرْتَفِعُ لَهُمْ نَارٌ، وَيَقَالُ لَهُمُ: رُدُوهَا، فَيَرِدُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّه أَنَّهُ سَعِيدٌ وَيَكَعُ عَنْهَا الشَّقِيُّ، فَيَقُولُ اللَّه تعالى: إيَّايَ عَصَيْتُمْ فَكَيْفَ بِرْسُلِي لَوْ أَتَتْكُمْ» «١» .

قال (ع) «٢» : أما الصبيُّ، والمغلوبُ على عقله، فبَيّن أمرهما، وأما صاحبُ الفَترة، فليس ككفّار قريش قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلّم، لأن كفار قريش، وغيرهم مِمَّنْ علم وسمع نبوّة ورسالة في أقطار الأرضِ، ليسٍ بصاحب فترةٍ، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلّم لرجل: «أبي وأبوك في النّار» ورأى صلى الله عليه وسلّم، عمرو بن لحيّ في النار «٣» وإلى غير هذا مِمَّا يطوُلَ ذِكْرهِ، وإنما صاحبُ الفترة يفرض أنه آدميٌّ لم يطرأ إليه أن اللَّه تعالى بعث رَسُولاً، ولاَ دَعا إلى دِينٍ، وهذا قليلُ الوجود إلاّ أن يشذ في أطراف الأرض، والمواضع المنقطعة عن العمران.

ت: والصحيح في هذا الباب: «أَنَّ أوْلادَ المُشْرِكينَ في الجَنَّةِ، وأمَّا أَوَلاَدُ المُسْلِمِينَ فَفِي الجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ» متفق عليه.

وقد أَسند أَبو عُمَرَ في «التمهيد» «٤» من طريق أنس عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «سألتُ رَبِّي في اللاَّهين مِنْ ذًرِّيَّةِ البَشَرِ ألاَّ يُعَذَّبَهُمْ فَأَعْطانِيهِمْ» «٥» . قال أبو عمر: إنّما قيل للأطفال:


(١) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (٨/ ٤٨١) رقم (٢٤٤٦٦) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٧١- ٧٢) . [.....]
(٣) أخرجه ابن إسحاق (١/ ٧٨- ٧٩) «تهذيب سيرة ابن هشام» ، ومن طريقه الطبريّ (٥/ ٨٩) (١٢٨٣١) عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي، أن أبا صالح السمان حدثه، أنه سمع أبا هريرة يقول ...
فذكره، وأخرجه الحاكم (٤/ ٦٠٥) عن محمد بن عمر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به وصححه، ووافقه الذهبي.
وله شاهد من حديث أبي بن كعب، رواه أحمد (٥/ ١٣٨) ، والحاكم (٤/ ٦٠٥) وصححه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد (٣/ ٣٥٢- ٣٥٣) عن جابر.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٩١) : رواه أحمد، وروى عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلّم بمثله. وفي الإسنادين عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه ضعف، وقد وثق.
(٤) ينظر: «التمهيد» (١٨/ ١١٧) ، وينظر: «الاستذكار له» (٨/ ٤٠١- ٤٠٢) .
(٥) أخرجه أبو يعلى (٦/ ٢٦٧) رقم (٣٥٧٠) .
وقال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ٢٢٢) : رواه أبو يعلى من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن المتوكل، وهو ثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>