للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّعِيرِ وكذلك لا يُعْطَفُ عليه، ولسيبويه في مثل هذا: أنه بدل، وقيل: «أنه» الثانية خبر مبتدإٍ محذوف تقديره: فشأنه أَنه يضلّهُ.

قال ع «١» : ويظهر لي أَنَّ الضميرَ في أَنَّهُ الأولى للشيطان، وفي الثانية لمن الذي هو المتولي، وقرأ أبو عمرو «٢» : «فإِنَّه» بالكسر فيهما.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٥ الى ٧]

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧)

وقوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ ... الآية: هذا احتجاج على العالم بالبدأة الأُولى، وضَرَبَ سبحانه وتعالى في هذه الآية مَثَلَيْنِ، إذا اعتبرهما الناظر جَوَّزَ في العقل البعثة/ من القبور، ثم ورد الشرع بوقوع ذلك. ٢٢ أوقوله: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ يريدُ آدم عليه السلام.

ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ يريد: المنيَّ، والنطفة: تقع على قليلِ الماءِ وكثيره.

ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ يريدُ: من الدم الذي تعودُ النطفةُ إليه في الرحم أو المقارن للنطفة، والعَلَقُ الدمُ الغليظ، وقيل: العلق الشديد الحُمْرَة.

ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ يريد مضغة لحم على قدر ما يمضغ.

وقوله: مُخَلَّقَةٍ معناه: مُتَمَّمَةٌ، وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ غير متممة، أي: التي تسقط، قاله مجاهد «٣» وغيره، فاللفظة بناءُ مبالغة من خلق، ولما كان الإنسانُ فيه أعضاء متباينة، وكل واحد منها مختصّ بخلق- حَسُنَ في جملته تضعيف الفعل لأن فيه خلقا كثيرا.


(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٠٧) .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٠٧) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٣٢٦) ، وزاد نسبتها إلى الأعمش. وينظر:
«الشواذ» ص ٩٦، و «الدر المصون» (٥/ ١٢٤) .
(٣) أخرجه الطبريّ (٩/ ١١١) برقم (٢٤٩٢٦) و (٢٤٩٢٧) بنحوه، وذكره البغوي (٣/ ٢٧٥) ، وابن عطية (٤/ ١٠٨) ، وابن كثير (٣/ ٢٠٦) بنحوه، والسيوطي (٤/ ٦٢١) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>