للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله عز وجل: إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا ... الآية الهاء في إِنَّهُ: مُبْهَمَةٌ: وهي ضمير الأمر والشأن، والفريقُ المُشَارُ إليه: كُلُّ مُسْتَضْعَفٍ من المؤمنين يَتَّفِقُ أنْ تكون حالُه مع كُفَّارٍ مِثلَ هذه الحال، ونزلت الآية في كُفَّارِ قريشِ مع صُهَيْبٍ، وعَمَّار، وبلال، ونظرائهم، ثم هي عامة فيمَنْ جرى مجراهم قديماً وبقيةَ الدهر، وقرأ نافع وحمزة والكسائي: «سُخْرِيّاً» بضم السين «١» ، والباقون بكسرها فقيل هما بمعنى واحد ذكر ذلك الطبريُّ «٢» .

وقال ذلك أبو زيد الأنصاريُّ: إنهما بمعنى الهُزْءِ «٣» ، وقال أبو عبيدَة وغيره: إنَّ ضم السين من السخرة والاستخدام، وكسرها من السخر وهو الاستهزاء»

، ومعنى الاستهزاء هنا أليق أَلاَ ترى إلى قوله: وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ.

وقوله سبحانه: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ... الآية قوله: فِي الْأَرْضِ قال الطبريُّ «٥» معناه: في الدنيا أحياءَ، وعن هذا وقع السؤال، ونَسُوا لفرط هول العذاب حَتَّى قالوا: يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، والغرضُ توقيفهم على أَنَّ أعمارهم قصيرة أَدَّاهُمُ الكُفْرُ فيها إلى عذاب طويل، عافانا الله من ذلك بِمَنِّهِ وكرمه!.

وقال الجمهور: معناه: كم لَبِثْتُمْ في جوف التراب أمواتاً؟ قال ع «٦» : وهذا هو


(١) وحجتهم: إجماع الجميع على الرفع في سورة الزخرف، فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.
ينظر: «السبعة» (٤٤٨) ، و «الحجة» (٥/ ٣٠٢) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٩٥) ، و «شرح الطيبة» (٥/ ٨٠) ، و «العنوان» (١٣٧) ، و «حجة القراءات» (٤٩١) ، و «شرح شعلة» (٥١٠) ، و «إتحاف» (٢/ ٢٨٨) .
(٢) ينظر: الطبريّ (٩/ ٢٥٠) .
(٣) ذكره ابن عطية (٤/ ١٥٨) .
(٤) ذكره ابن عطية (٤/ ١٥٨) .
(٥) ينظر: «الطبريّ» (٩/ ٢٥٣) .
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>