للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه: قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ المعنى: قل يا محمدُ لهؤلاء الكفرة الصائرين إلى هذه الأحوال من النار: أذلك خير أم جَنَّةُ الخلد، وهذا استفهام على جِهَةِ التوقيف والتوبيخ لأَنَّ الموقِفَ جائز له أنْ يُوقِفَ مُحَاوِرَهُ على ما شاء ليرى هل يجيبه بالصواب أو بالخطإِ.

وقوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ يعني الكفار، وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يريد كل شيء عُبِدَ من دون الله، وقرأ ابن «١» عامر: «فَنَقُولُ» بالنون، قال جمهور المفسرين:

والموقف المجيب كل من ظلم بأن عُبِدَ مِمَّنْ يعقل كالملائكة وعيسى وعزير وغيرهم، وقال الضَّحَّاكُ وعِكْرِمَةُ: الموقف المجيب: الأصنام التي لا تَعْقِلُ يقدرها الله تعالى على هذه المقالة، ويجيء خزيَ الكفرة لذلك أبلغ «٢» ، وقرأ الجمهور «٣» : «نَتَّخِذَ» - بفتح النون-، وذهبوا بالمعنى إلى أَنَّه مِنْ قول مَنْ يَعْقِلُ، وأَنَّ هذه الآية بمعنى التي في سورة سبإ: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ الآية [سبأ: ٤٠] . وكقول عيسى: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ [المائدة: ١١٧] .

وقولهم: حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ أي: ما ذكر به الناس على ألسنة الأنبياء- عليهم السلام-، وقرأ زيد بن ثابت «٤» وجماعة: «نُتَّخَذَ» - بضم النون-.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١٩ الى ٢٠]

فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠)


(١) قال أبو علي الفارسي: وقراءة ابن عامر: «ويوم نحشرهم فنقول» حسن لإجرائه المعطوف مجرى المعطوف عليه في لفظ الجمع، وقد قال: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ [سبأ: ٤٠] ، وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا [الأنعام: ٢٢] ، وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ [الكهف: ٤٧] .
ينظر: «الحجة للقراء السبعة» (٥/ ٣٣٨) ، و «السبعة» (٤٦٣) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ١١٧) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٢١٤) ، و «شرح الطيبة» (٥/ ٩٣) ، و «العنوان» (١٤٠) ، و «حجة القراءات» (٥٠٩) ، و «شرح شعلة» (٥١٧) ، و «إتحاف» (٢/ ٣٠٦) .
(٢) ذكره البغوي (٣/ ٣٦٣- ٣٦٤) ، وابن عطية (٤/ ٢٠٤) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٢٠٤) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٤٤٦) ، و «الدر المصون» (٥/ ٢٤٧) .
(٤) وقرأ بها أبو جعفر، والحسن، وأبو الدرداء، وأبو رجاء، ونصر بن علقمة، ومكحول، وزيد بن علي، وحفص بن حميد، والسلمي.
ينظر «الشواذ» ص (١٠٥) ، و «الكشاف» (٣/ ٢٧٠) ، و «المحرر الوجيز» (٤/ ٢٠٤) ، و «البحر المحيط» (٦/ ٤٤٨) ، و «الدر المصون» (٥/ ٢٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>